مع مئات وآلاف المقالات التي كتبت حول موضع تجارة الأسواق وأيضا مع ظهور أدوات مالية جديدة صبيحة كل يوم, أجد نفسي مضطر إلى عرض أطروحتي حول أكثر عوامل التجارة أهمية وهو التأثير العاطفي.
قبل تفصيل العناصر الرئيسية, سوف أقدم أفكار اثنين من الشخصيات البارزة. كلاهما لا يحتاج إلى أي تقديم لان أعمالهم معروفهم تماما كما يحظون بالتقدير في كافة أرجاء العالم. أنا متأكد من انك سوف تعجب بآرائهم في النفس البشرية.
" عندما تتعامل مع الناس, تذكر انك لا تتعامل مع مخلوقات يشكلها المنطق بل مخلوقات عاطفية" ديل كارنيجي (1888-1955)
"دعنا لا ننسى ان العواطف الصغيرة هم في واقع الأمر القادة الحقيقيون لحياتنا والذين نطيعهم حتى دون ان ندرك وجودهم ". فنسنت فان جوخ (1853-1890)
في عالم يبدوا المنطق مسيطرا عليه ظاهريا, قد يكون من المثير ان نعثر على مثل هذه الأفكار "المارقة" . لا يوجد شيء أكثر غرابة من الاعتقاد بان أفكارنا تحركنا ليس على أساس وعينا المدرب ولكن بدلا من ذلك وفق نبضات اللاوعي المجهولة.
أود ان أضيف حقيقة أخرى إلى هذا التقديم, كي تتمكن من الاستيعاب الكامل لهذا النهج الجديد في التجارة وفي أي نشاط تجاري أخر بشكل عام.
معهد الصحة والإمكانات البشرية, والذي تتواجد مكاتبه في الولايات المتحدة وكندا واستراليا هو منظمة تعليمية وبحثيه تستخدم الذكاء العاطفي لرفع مستوى الأداء والقيادة. 500 شركة, كبار المدارس التجارية في العالم , الرياضيين المحترفين والحاصلين على ميداليات اولمبية تسعي المؤسسة خلفهم للتعرف على خبراتهم.
طبقا لدراستهم , " الأبحاث التي تتبعت 160 من الأفراد متميزي الأداء في صناعات متعددة ومستويات وظيفية مختلفة كشفت النقاب عن ان التأثير العاطفي كان لمرتين أكثر أهمية في المساهمة في التميز بأكثر من التفكير والخبرة وحدهما "
هل تشعر بالصدمة ؟ كلا على الإطلاق. فطبيعتنا تعتمد على التصرف وفق الدفع العاطفي دون ان نتساءل عن المحفزات ورائها.
من المعروف بالفعل ان هناك عاطفتين تسيطران على التداول هما الطمع والخوف. ولكن ما هو اقل استيعابا هو إلى أي مدى تؤثر هذه العواطف على قراراتنا. بينما المتداولون الهواة تجدهم جشعين عندما يخسرون وقلقين عندما يربحون, ستجد المحترفون يتصرفون بشكل معاكس تماما حيث يصبحوا خائفين عندما يخسرون وجشعين عند الفوز.
التدريب النفسي البسيط قد يساعدك في ضبط ردود نفسك العاطفية, هذه هي الخبرة التي تحصل عليها في "الحلبة " والتي تجعلك تتفهم كيفية التعامل مع هذه المشاعر البدائية.
جميعنا نكره الخسارة, ليس بالضرورة المال وحده. المعنويات تكون فعالة للغاية فكافة المحترفين نجدهم متمكنين تماما في التعامل مع هذه المشاعر يوما بعد أخر. على الرغم من أنهم يمرون أيضا ببعض لحظات التوتر بسبب الخسائر المالية, إلا أنهم تعلموا القاعدة الأكثر أهمية في تجارة الأسواق المالية : الخسائر هي تكلفة القيام بالعمل. هؤلاء لديهم درجة عالية من القدرة على إدارة عواطفهم ومدربين على تطبيقها مهما كانت درجة معاناة " الأنا " الخاصة بهم.
يبدوا الأمر أكثر سهولة في قوله عن فعله وذلك لأنه ريثما تتدخل العواطف فإنها قد تحرق كافة النظريات جنبا إلى جنب مع أي خطط للتداول.
ستجد هنا بعض الخطوات السهلة التي ستساعدك في البدء على ترويض خيولك العاطفية.
ما تراه ليس هو ما ستحصل عليه, بعكس ما تعلمته طوال حياتك. الطريقة التي تتصرف بها هي مجرد نتيجة لسنوات وسنوات من التعلم والتفاعل مع الآخرين وليست هي موقفك الحقيقي. أنت نتاج للتعليم الخارجي والذي لا يكون ايجابيا بالضرورة.
في المدى الطويل , فان تجارتك للفوركس هي مجرد جزء من حياتك الكاملة , جنبا إلى جنب مع عائلتك وأصدقائك وهوايتك وأهدافك في المدى الطويل وغيرها من الأنشطة المتنوعة. أنا شخصيا استخدم " تعويذة " فعالة للغاية عندما اشعر بالألم بعد الخسارة. عش لتقاتل يوما أخر!
لا تغفل أبدا عن الصورة العامة. هذا هو هدفك الأساسي. بالنسبة لمتداول الفوركس المحترف , فان الهدف الأساسي هو حماية رأس مالك في التجارة. احتفظ بسجل لكافة تداولاتك وتعلم منها أخطائك.
إذا كنت ترغب في الحصول على صورة دقيقة جدا حول توقعاتك التجارية, القي نظرة على قراراتك العاطفية اليومية. في اغلب الأحيان, ستكرر السلوك العاطفي في حياتك المهنية.
إذا أخذت وقتك بالجلوس قليلا وملاحظة روتينك اليومي , فان الصورة سوف تظهر بوضوح اكبر لتساعدك في توقع العقبات التي ستواجهها في مستقبلك الوظيفي بالتجارة. هل لديك مزاج متأرجح ؟ هل تغير رأيك في كثير من الأحيان ؟ هل أنت قادر على الحفاظ على التزامك ؟ هل تفقد أعصابك بسهولة ؟ هل تنظر إلى " النصف الفارغ من الكوب " أو "النصف الممتلئ منه " في حياتك ؟
هذه الصفات لن تتغير لمجرد انك ستبدأ التجارة. لهذا السبب يجب ان تكون حذرا جدا مع توقعاتك. قم بتأسيسهم على كلا من أصولك بالتوازي مع التزاماتك حتى تحصل على الصورة الدقيقة.
هذه ليست سوى مجرد بداية ولكنها إحدى المواضيع الهامة في حياة القليل منا الذين بدئوا تجارتهم للتو.
لقد رأيت التجار الذين يستخدمون دروس NLP ( البرمجية اللغوية العصبية ), ويتدربون على ممارسة Tai-Chi أو التأمل المجرد. هؤلاء يحاولون الحصول على تواصل مع القوى غير المرئية التي تعمل في دواخلهم العميقة , ناقلات التأثير التي تسيطر على عالمهم الداخلي.
الطريق إلى النجاح في الحياة له أشكال لا حصر لها ولكن ستجد له بداية واحدة مشتركة, تبلورت بطريقة رائعة في القول المأثور التالي , والذي تم كتابته بأحرف من ذهب عند مدخل معبد أبوللو في دلفي ونسبت إلى سقراط, بالإضافة إلى العديد من الفلاسفة اليونانيين القدماء : NOSCE TE IPSUM ( اعرف نفسك ) .
سحر النجاح يبقى في متناول أيدينا . نحتاج فقط إلى ان نعثر على العصا!