إذا كنت تقرأ هذا الدليل، فمن المحتمل أنك تعاني من التصرف بشكل متسرع أثناء التداول. قد يأخذ ذلك أشكال متعددة مثل فتح صفقات دون مبرر منطقي، أو الخروج من صفقاتك في الأوقات الخطأ. وفي كلتا الحالتين، عندما تشعر بشيء ما يُلح عليك للقيام بذلك، فإنك تجد صعوبة في قول "لا" والانتظار حتى تمر العاصفة.
يشرح هذا الدليل بعض الأسباب التي تدفع متداولي الفوركس للوقوع في شرك التداول المتسرع أو الاندفاعي، وما هي الأخطاء التي يمكن أن تقع، وكيف تتصرف حيال ذلك. دعنا أولاً نشرح الأسباب التي تجعل من التداول المتسرع عادة سيئة للغاية.
لماذا ستدفع تكلفة باهظة بسبب التداول المتسرع
التسرع هو "دافع أو رغبة مفاجئة ومُلحة للتصرف بطريقة غير مدروسة." كلمة "غير مدروسة" مهمة جدًا في هذا السياق. عندما نتداول بشكل متسرع، فإننا نتصرف في واقع الأمر بطريقة عشوائية دون أخذ الوقت الكافي للتفكير في مدى وجاهة الخطوات التي نتخذها من عدمه.
هناك أسباب عديدة تجعل من التداول المتسرع غير مُجدي:
- لا يمكن الثقة في انفعالاتنا.
- نُخالف قواعد التداول.
- يدفعنا التداول المتسرع إلى التداول بشكل مُفرط.
في بعض الأحيان نشعر بدافع نتيجة "الشعور الغريزي" بشأن التداول. لكن لا يمكن لأحد أن يكسب لقمة عيشه بمجرد اتباع غرائزه. يجب أن يكون هناك تناغم نفسي مع السوق، ولا يمكن لأحد أن يدعي أنه يمتلك تلك القوة الخارقة.
علاوة على ذلك، تعتبر القرارات المتسرعة في جوهرها اختيارات تدفعنا لتجاهل قواعد وإرشادات طريقة التداول التي نستخدمها. من المفترض أن تكون وضعت هذه القواعد بعد إجراء اختبارات مكثفة أثبتت أنها تستحق الالتزام بها بعد أن حققت نتائج معينة. قد يؤدي كسر هذه القواعد إلى أن تصبح نتائج التداول بعد ذلك دون مستوى توقعاتك.
وأخيرًا، يدفعنا التداول المتسرع في بعض الأحيان إلى فتح صفقات بأكثر من قدرتنا على إدارتها. وفي معظم الأحيان تكون هذه الصفقات قائمة على فرص لا يمكن اعتبارها "مثالية" وفق قواعد طريقة التداول. علاوة على ذلك، يؤدي تشتيت جهودنا على عدد كبير من الصفقات إلى ارتكاب المزيد من الأخطاء.
مثال #1
قد نفتح أحيانًا بعض الصفقات لمجرد شعورنا بالإحباط أو الملل.
فيما يلي مثال بسيط على كيفية حدوث نتائج عكسية بسبب التسرع. لاحظ شمعة pinbar المُحاطة بدائرة على اليسار. كما ترى، لا يُحفزنا هذا الوضع حتى الآن على الدخول في صفقة. هناك عدد من شموع pinbars الصغيرة التي كان يمكنك التداول على أساسها بنجاح بعد ذلك، ولكن دعنا نفترض أنك فوت الفرصة وربما بدأت في الشعور بالتردد.
ثم ترى بعد ذلك شمعة أكبر لا يمكن وصفها بأنها pinbar مثالية  — تبدو أسعار الافتتاح والإغلاق متباعدة للغاية. ولكنك تتسرع في التداول بناءً عليها لأنك سئمت الانتظار. تندفع لفتح صفقتك، ثم ما تلبث أن تتحرك في اتجاه معاكس، وفي نهاية المطاف تُغلق على خسارة.
مثال #2
فيما يلي مثال آخر. ربما تشعر مرة أخرى بالملل، أو باليأس من تحقيق بعض الأرباح لأن الأمور لا تتحرك بالسرعة الكافية. وفي كلتا الحالتين، تجد نفسك تندفع إلى مراقبة بعض الأزواج التي تتجنبها عادةً لأنها لا تشهد تحركات صاعدة وهابطة بشكل سلس، وبالتالي تعتقد أنه يمكن الاستفادة من تلك التقلبات وفقًا لاستراتيجياتك.
على سبيل المثال، يشهد زوج USD/RUBعادة الكثير من الفجوات الشاذة. ربما ليست لديك معرفة أو خبرة كافية لتداول هذه الفجوات أو حتى لا تُدرك مغزاها، ولكنك تتجاهل ذلك وتبدأ في فتح صفقات على الزوج. يترتب على ذلك نتائج غير متوقعة.
ربما رأيت بعض الشموع الصغيرة المسطحة التي تظهر بشكل لا يبدو مألوفًا في منتصف هذه الفجوة، وهو ما يدفعك للاعتقاد بأن السعر كان يوطد موضعه خلال تلك الفترة قبيل معاودة الهبوط. وبناءً على ذلك، تقرر فتح صفقة بيع قبل أن تتفاجأ بقفزة صعودية للسعر مرة أخرى.
لماذا يفتح المتداولون صفقات متسرعة؟
فيما يلي بعض الأسباب التي تدفع متداولي الفوركس إلى التداول بشكل متهور.
1. الملل
يتطلب تداول الفوركس في معظم الأحيان انتظار ظهور الفرص النموذجية. الانتظار، والانتظار، ثم الانتظار. يصاب بعض المتداولون بالتوتر نتيجة ذلك، ما يدفعهم للاعتقاد بأنهم بحاجة لفعل شيء ما، لذا يبدؤون في فتح صفقات متسرعة لمجرد أنه يمنحهم الشعور بأنهم منشغلون في شيء جدي.
2. عدم الصبر على تحقيق الأرباح
إذا كنت تشعر أن الوصول إلى أهدافك يستغرق وقتًا أطول مما تتحمله، فقد يصيبك ذلك بالملل. المشهد التالي في هذا السيناريو هو فتح صفقات متسرعة في محاولة يائسة لتحقيق أي أرباح على أمل أن تأخذك خطوة إلى الأمام.
3. الحاجة إلى تجنب التوتر والسيطرة عليه
قد نتداول في بعض الأحيان بشكل متهور لأننا نتعرض لضغوط من مشاعر القلق والتوتر. ربما لا تحقق صفقاتك نسبة نجاح مرضية، أو ربما يزعجنا شيءً آخر. لذا نبحث عن إثبات يطمئننا بأننا على دراية بما نفعله، وهذا ما نريد تحقيقه الآن. قد يدفعنا ذلك إلى فتح بعض الصفقات لمجرد "إثبات" أننا على حق بشأن تصورنا لما يحدث في السوق.
تنتهي هذه الصفقات المتسرعة عادةً بإثبات عكس كل ما سعينا إلى تأكيده — نحن لا نعرف ما الذي نفعله. من المنطقي أن نُلقي باللائمة على التداول المتسرع وليس الافتقار إلى المعرفة. ولكن للأسف تُغذي هذه النتائج حالة القلق التي نمر بها دون الوعي بذلك، وتدفعنا إلى دوامة من السلوك المتهور لا تنتهي.
4. التهور بعد الخسارة
الوقوع في شرك "التهور" هو مصطلح يشيع استخدامه في دوائر المقامرين. ولكن يمكن تطبيق نفس الفكرة في عالم التداول أيضًا. هذا المصطلح في جوهره هو حالة ذهنية تنطوي على فتح صفقات متسرعة واحدة تلو الأخرى، وذلك على أمل أنها ستساعدنا في استعادة الشعور المفقود بالسيطرة. ولكن ما يحدث في الواقع أن كل صفقة من تلك الصفقات المتهورة تُزيد الطين بلة.
الدخول في هذه الدائرة المفرغة من السلوك المتهور لا ينتهي سوى بفقدان السيطرة التي نبحث عن استعادتها — والتي في واقع الأمر تتطلب أخذ قسط من الراحة والتوقف عما نفعله لأننا لن نُدرك آثاره المُدمرة سوى بعد فوات الآوان.
5. أسباب متفرقة
وأخيرًا، قد نفتح أحيانًا صفقات متسرعة لأسباب عديدة قد تبدو عشوائية. على سبيل المثال، ربما نسيت أن تتناول إفطارك هذا الصباح، أو ربما لأنك مريض وصفاء ذهنك ليس في أفضل حالاته. هذه المشاهد الحياتية تعني أن الجزء المسؤول في المخ عن منعك من التصرف بشكل متهور لا يعمل بالكفاءة المطلوبة، ما يجعلك أكثر عرُضة لاتخاذ قرارات متهورة بناءً على نزوة عابرة.
كيف يمكنك تجنب التداول المتسرع؟
عندما يسأل شخص ما عن كيفية تجنب التداول المتهور، ففي أغلب الأحيان سيرد الشخص الذي ينصحه بعبارة "كُن أكثر انضباطًا فحسب".
هذه العبارة المحفوظة أقرب إلى قول "اطبخ حتى تنضج الطبخة" عندما يسألك شخص ما عن وصفة معينة للطبخ. المشكلة أنه لا يذكر أي تفاصيل حول كيفية تحقيق هذا الهدف. يا ليت كان الأمر بسهولة قول "فقط كُن أكثر انضباطًا" حتى نصبح جميعنا أكثر انضباطًا ولن يقوم أي منا بصفقات متهورة.
1. اكتشف ما الذي يحرك صفقاتك المتسرعة.
ربما تكون نقطة الانطلاق في هذا الصدد هو تحديد ما إذا كان هناك نمطًا معينًا لصفقاتك المتسرعة. انتبه جيدًا لأفكارك وعواطفك في المرة التالية التي تشعر فيها بوغز هذا الدافع. هل تشعر بالملل؟ الإحباط؟ التوتر؟ ما العائد الذي تأمل في الحصول عليه إذا فتحت الصفقة؟ (بخلاف ما هو واضح)؟
2. كُن على دراية بالمحفزات.
بمجرد اكتشاف ما الذي يحفزك للاندفاع في التداول، يمكنك البدء في البحث عن تلك المحفزات — أحداث معينة تسبق عادةً الوقوع في فخ الصفقات المتسرعة.
دعنا نفترض أنك حددت الملل كحافز أساسي لفتح صفقات متسرعة. قد تكتشف أن الانفعال يسيطر عليك بسهولة عندما لا تجد أي فرصة تداول لفترة معينة من اليوم. أو ربما تلاحظ أنك أكثر عُرضة للتداول بشكل متهور عندما تشعر بالملل أثناء العمل في منتصف الأسبوع، ربما لأنك تجد وظيفتك اليومية رتيبة للغاية.
3. تحلى بعادة مراقبة الذات.
ستحتاج إلى البدء في إيلاء اهتمام أكبر لمراقبة أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك بشكل واعِ طوال اليوم. ابدأ في تطوير عادة التفكير فيما يخالجك بشكل دوري — ربما مرة أو مرتين في الساعة على سبيل المثال.
وفي كل مرة تفعل فيها ذلك، احرص على تدوين بعض الملاحظات العقلية حول حالتك الذهنية. وإذا لاحظت أنك مُعرض للخضوع لنزواتك أو المعاناة من أفكار ومشاعر أدركت أنها مرتبطة بالتداول المتسرع، إذًا أنت بحاجة لاتخاذ إجراء ما حيال ذلك (سنناقش هذا الموضوع قريبًا).
4. تدرب على تنظيم المشاعر.
يمكن أن يساعدك تعلم تنظيم أحاسيسك ومشاعرك بشكل أكثر فعالية في تقليل مواقف التداول المتهور. يتحقق ذلك بشكل رئيسي عن طريق النصائح التي ذكرناها آنفًا — راقب نفسك وطور مهارة الوعي بمشاعرك. يمكن أن تساعد بعض الحيل البسيطة في ذلك، مثل العد إلى 10، أو تسجيل الملاحظات. يساعد ذلك على الانفصال قليلاً عن مشاعرك حتى تتمكن من مراقبتها بدلاً من الاستسلام لفعل ما تُمليه عليك.
5. ضع خطة لما ستفعله عندما تشعر بالانفعال.
لنفترض أنك تراقب نفسك أثناء التداول، ثم أدركت أنك في موقف قد يدفعك إلى اتخاذ قرارات تداول متهورة. ماذا يمكن أن تفعل حيال ذلك؟
إذا كنت تتمتع بالقدرة على ضبط النفس، فقد تتمكن من مواصلة التداول بحكمة وتجنب التصرف بناءً على انفعالاتك العاطفية.
ولكن إذا كانت هناك صعوبة في ترويض مشاعرك، فقد يكون من الأفضل مقاطعة هذه اللحظة تمامًا. فكر في طريقة لكسر دائرة المشاعر والعواطف التي تؤدي إلى صفقات متسرعة. ربما الإقدام على شيء مثل الابتعاد عن جهازك والخروج في نزهة قصيرة لمدة 10 دقائق قد يكون كافيًا لإخراجك من هذه الحالة الذهنية. يمكنك أن تضع قاعدة مفادها عدم العودة لتفحص الرسوم البيانية إلا عندما تتخلص من الشعور بأن انفعالاتك هي التي تحرك قرارات التداول.
من بين أفضل الطرق لمساعدتك في تجنب القيام بصفقات متهورة هو استخدام برنامج لتحديد حجم مركز التداول، وذلك لأنه يتطلب عادةً حد أدنى من التخطيط والإعداد. نقدم Position Sizer كأداة مجانية ومفيدة لمساعدتك في إدارة عادات التداول.
ملخص
لا يمكن إنكار أن تكلفة التداول المتسرع يمكن أن تكون باهظة للغاية. لا يتوقف الأمر على إهدار أموالك فحسب، بل يمكن أن تدمر أيضًا ثقتك بنفسك كمتداول.
لحسن الحظ، هناك بعض الطرق التي تتجاوز فكرة "كُن أكثر انضباطًا فحسب" للمساعدة في تجنب التداول المتسرع. تعرف على المحفزات التي تغذي سلوك التداول المتهور، وحاول تحديد ومراقبة تلك المحفزات، ثم حسن قدرتك على تنظيم مشاعرك، وأعِد خطة لتحييد انفعالاتك قبل أن تتحول إلى صفقات متهورة.
قد يكون تطبيق تلك النصائح صعبًا في البداية، ولكن ستتحسن قدرتك على القيام بذلك رويدًا رويدًا مع تطوير عادات وسلوكيات جديدة. بمرور الوقت، ستتحول إلى متداول فوركس أقل تهورًا وبالتبعية أكثر ربحية.