ستسمع العديد من المتداولين المحترفين وهم ينصحون نظرائهم المبتدئين بأنه لا يمكنهم تحقيق نتائج باهرة في سوق العملات الأجنبية إذا ما بدئوا رحلتهم برأسمال صغير. واقع الأمر فإن هذه النصائح ليست موجهة للجميع، ومن الضروري فهم مغزاها الضمني وليس معناها الحرفي. توجه هذه الكلمات أساسا للمتداولين الذين لا يتحلون بفضائل الصبر والمسئولية، وهي طباع لسوء الحظ غالبة على معظم المتداولين الجدد الذين يجربون حظهم للمرة الأولى في سوق الفوركس. غني عن القول هنا أن معظم متداولي الفوركس يخرجون من السوق بعد فترة ليست طويلة.
ما هي مخاطر استخدام حساب صغير في تداول الفوركس؟ إذا كنت تبدأ رحلتك برصيد لا يتجاوز بضعة آلاف من الدولارات، فستجد نفسك على الأرجح تحت ضغوط السعي لتكبير هذا الحساب بسرعة. يدفع هذا الضغط كثير من المتداولين إلى فتح عدد كبير من الصفقات دون الاقتصار على تلك التي تحمل فرص أفضل للنجاح، وبالتبعية المخاطرة بنسبة كبيرة من رأسمالهم. النتيجة الحتمية هي تراكم الخسائر عاجلاً أم أجلاً (عادة عاجلا)، ومن ثم يتبخر رصيد الحساب خلال فترة وجيزة. معظم هؤلاء يضطرون للخروج من السوق بسبب عدم قدرتهم على العودة مجدداً بعد ضياع أموالهم.
ولكن من الضروري أيضاً التنبيه بأنك قد تدخل إلى سوق الفوركس برأسمال كبير، على سبيل المثال 100.000$، وتتعرض أيضاً لنفس السيناريو حين تتبخر أموالك سريعا بسبب عدم التداول بمسئولية. هناك عدد من المتداولين الذين يدخلون إلى السوق وهم متسلحين بكافة الأدوات اللازمة للنجاح باستثناء الصبر والانضباط. لا يطول مقام هؤلاء في السوق، فيما ستتفاجأ أن المتداولين الذين ليست لديهم أرصدة مالية كبيرة، ولكنهم تمتعوا بالصبر والانضباط، قد تمكنوا من تحقيق النجاح بخطى واثقة، وإن كانت بطيئة، إلى الدرجة التي سمحت لهم بأن يتحول التداول إلى المصدر الرئيسي لكسب رزقهم.
إذا كنت تتداول بحساب صغير فمن المؤكد أنك ستشعر بضغوط إضافية لتكبير الحساب بوتيرة سريعة. فيما يلي بعض الاقتراحات لمساعدتك في بناء حياة مهنية ناجحة كمتداول وحماية حسابك إلى أقصى حد ممكن. أولاً وقبل كل شيء، يجب أن يكون لديك وظيفة يومية لأنك لن تتمكن من دفع فواتيرك وسداد تكاليف المعيشة من خلال التداول في هذا الحساب الصغير. وفي كل الأحوال يجب أن تمتلك مصدر آخر للدخل إذا كنت تنوي حقا الاعتماد على التداول كمصدر رئيسي لكسب الرزق. ثانياً، تعلم احترام الأموال التي تتداول بها كما لو كانت أكبر مما هي عليه في الواقع — لأن هذه الأموال على قلتها هي المركبة التي ستصل بك إلى بر النجاح، وربما الثراء. قد تحدثك نفسك بأنه إذا كان لديك مليون دولار فإنك سوف تتجنب ضغوط فتح صفقات ذات فرص ضعيفة أو المخاطرة بقدر كبير من رأس المال. ثالثا، سوف تكون بحاجة إلى شركة وساطة تسمح لك بالتداول بكميات صغيرة، يطلق عليها عقود المايكرو. إتباع هذه النصائح سيساعدك على إدارة المخاطر بشكل أكثر دقة.
إذا لم تكن تمتلك أكثر من 2.000$، فلا داعي للإحباط أو اليأس من تحويل هذا المبلغ إلى مليون دولار، ولكن تذكر أن هذا يتطلب التداول بقدر من الانضباط، والأهم ألا تشعر من الأصل أنك تحت ضغط السعي للوصول إلى رقم المليون. أيضاً لا تنسى أن هذا المبلغ، وبما أنه كل ما تمتلكه كرأسمال للتداول، فهو بالنسبة لك ثروتك الخاصة. وبالمثل، لا تنسى أن أصحاب المليارات ينظرون إلى المليون دولار نفس نظرتك إلى الـ 100$. وبالنسبة لفكرة الضغوط العاطفية، فإن بعض الفائزين باليانصيب يبددون كل ما يكسبونه في الهواء خلال فترة وجيزة طالما لم يتحلوا بالمسئولية. يتوقف الأمر بشكل أساسي على كيفية تعاملك مع أموالك وليس قيمة ما تمتلكه الآن، فالتحلي بفضيلة الانضباط من عدمه هي التي ستحدد ما إذا كنت قادر فعلاً على الانضمام إلى ركب الأغنياء.