عند العمل في سوق الفوركس، خصوصاً أثناء دراسة التحليل الفني، ستسمع مصطلح التلاقي يتردد بالتزامن مع الحديث عن فرص التداول. ما هو التلاقي وما هي الأهمية التي يمثلها بالنسبة لك كمتداول للفوركس؟
يشير التلاقي أو الاقتران إلى الظروف التي تتزامن فيها عدة إشارات تداول على الرسم البياني لتخبرك بوجود فرصة سانحة لفتح إحدى الصفقات. تصدر هذه الإشارات عادةً عن المؤشرات الفنية، ولكنها قد تكون صادرة أيضاً عن بعض النماذج السعرية. يتوقف الأمر على الأدوات التي تفضل استخدامها في التخطيط لصفقاتك. يقع كثير من المتداولين في فخ تكديس الرسم البياني بعدد كبير من المؤشرات الفنية بهدف إيجاد حالات التلاقي — ولكن يؤدي هذا السلوك عادةً إلى صدور إشارات متعارضة، الأمر الذي يتسبب في نهاية المطاف في فقدان الثقة في النظام برمته نتيجة الشعور بالارتباك. ولهذا ليس من المستغرب أن تجد متداول يضيف مؤشرات عديدة على الرسم البياني للحصول على عدد أكبر من الإشارات، ولكن في نفس الوقت تقل ثقته في الاعتماد عليها، ثم تسوء الأمور أكثر وأكثر مع الاستمرار في ارتكاب نفس الخطأ.
لا يستخدم معظم متداولي الفوركس الناجحين سوى عدد محدود من المؤشرات على مخططاتهم البيانية. الاستعانة بمؤشرين أو ثلاثة سيكون أكثر من كافي لتحقيق الغرض المنشود. بعض المتداولين لا يستخدم سوى مؤشر واحد، فيما البعض الآخر لا يستخدم أي مؤشرات على الإطلاق — ولكن مع ملاحظة أنه من الصعب إيجاد سياق مناسب لصفقة جيدة دون الاستعانة بإحدى المؤشرات الجيدة.
فيما يلي مثال على استخدام فكرة التلاقي في وضع صفقات جيدة أثناء تداول الفوركس. إذا افترضنا أنك تتداول باستخدام نماذج السعر التي تشكلها الشموع اليابانية على الرسم البياني، ثم لاحظت ظهور نموذج معين يعطي إشارة على صفقة شرائية. وبرغم أن النموذج السعري قد يكون كافياً لتحقيق نسبة نجاح تصل إلى 80%، ولكن قد تكتشف لاحقاً أن تأكيد هذا النموذج عن طريق اقتران إشاراته بمؤشرات أخرى سوف يرفع هذه النسبة إلى 90%. على سبيل المثال، ربما اكتشفت بعد اختبار مستويات ارتداد فيبوناتشي أن الاستعانة بها سيساعدك على إيجاد صفقات رابحة. وبالتالي، إذا أعطى نموذج السعر إشارة شرائية عند مستوى يتزامن مع إحدى مستويات ارتداد فيبوناتشي التي تعمل كخط للدعم، فإن هذا يعد مثال جيد على أن هذه الصفقة تحظى بتأكيد قوي عن طريق تلاقي إشارات مختلفة (حركة السعر ومستوى فيبوناتشي). لاحظ أننا لا نتحدث هنا عن نظام معقد لتداول الفوركس، فباستثناء مستويات فيبوناتشي لم نستخدم أي مؤشرات على الرسم البياني على الإطلاق. اعتمدنا في هذا المثال على حركة السعر بشكل رئيسي، بينما اقتصر استخدام المؤشر على تأكيد السياق المرتبط بهذا النموذج. إذا لاحظت أن مستوى الارتداد يتطابق مع إحدى نقاط البيفوت التي كنت تراقبها طوال الفترة الماضية، فإن هذا أحد الأشكال الأخرى لحالات التلاقي.
ما ذكرناه أعلاه هو مجرد مثال واحد على حالات التلاقي في الفوركس، ولكن هناك العديد من الطرق المختلفة لاستخدام هذه الفكرة. تختلف أنظمة التداول كما تختلف السمات الشخصية من شخص لآخر، ولهذا فإن الطريقة الأفضل هي اختبار تنويعات مختلفة من الإشارات لتحديد أفضل مؤشرات الفوركس التي يمكن استخدامها. جرب ولاحظ الاستراتيجية التي تعطيك إحصائياً أفضل نتائج على مدار أكبر عدد من الصفقات باستخدام البيانات التاريخية. على سبيل المثال، قد تكتشف أن استخدام التلاقي بين تقاطعات المتوسط المتحرك جنباً إلى جنب مع مستويات فيبوناتشي سوف يعطيك نتائج رائعة. كما قد تكتشف أن استخدام البولينجر باند بالتزامن مع مستويات الدعم والمقاومة سيحقق نتائج أفضل. الشيء الهام الذي يجب عدم التغافل عنه عند اختبار الصيغة المثلى لحالات التلاقي هو اختيار مؤشرات مستقلة عن بعضها البعض — بمعنى ألا تعتمد في حسابها على نفس المدخلات، لأنك لن تجني من وراء ذلك سوى مزيد من التأخير وانخفاض درجة الدقة.
تعتبر فكرة التلاقي إحدى الأدوات المفيدة حيث لا تقتصر على مجرد النظر إلى فرص التداول الجيدة بمعزل عن العوامل الأخرى — فهي تستهدف بالأساس وضع هذه الفرص السانحة في سياق أشمل لحركة السوق. يساعد ذلك على تجنب الاختراقات الكاذبة والانعكاسات غير المتوقعة والتداول ضد الترند في سوق الفوركس. يمكن القول أيضاً أن معظم أنظمة الفوركس تبنى بشكل أو بآخر على فكرة التلاقي. وبالتالي إذا لم تكن قد وجدت بعد النظام الذي تبحث عنه، فإن هذه المقالة سوف تساعدك على البدء في بناء نظامك الخاص من الصفر. يتميز نظام الفوركس الفعال بقدرته على إظهار ما يحدث في السوق حالياً دون التغافل عن الصورة الأكبر — وهو ما سيساعدك في نهاية المطاف على تحقيق الربح من الإلمام بجميع هذه المعلومات الهامة.