قبل الانتقال إلى تداول الفوركس بأموال حقيقية سيتعين عليك قضاء بعض الوقت في التداول على حساب تجريبي. لا يوجد خلاف على أسبقية هذه الخطوة سواء كنت تستخدم التحليل الأساسي أو الفني، أو حركة السعر أو أي طريقة أخرى في تداول الفوركس. كما تنطبق نفس القاعدة حتى إذا سبق لك التداول في أسواق مالية أخرى أو كنت قد أجريت اختبارات الأداء السابق على استراتيجيات التداول. ولكن السؤال الذي يطرحه المتداولون المبتدئون عادةً يتعلق بالفترة الزمنية المناسبة التي ينبغي قضاؤها في التداول التجريبي قبل الانتقال إلى التداول الحقيقي، والإجابة التي يسمعونها عادةً "فترة أطول مما تعتقد." بطبيعة الأمر، تختلف الفترة الزمنية اللازمة من شخص لآخر، ولكن يظل التساؤل حول الفترة المثالية التي يجب أن تقضيها في التداول التجريبي قبل أن تتحول إلى متداول حقيقي.
إذا كنت تتداول حالياً على حساب تجريبي، فربما تكون قد انتهيت بالفعل من تطوير طريقة معينة للتداول أثبتت جدواها بدرجة أو بأخرى بعد إجراء اختبارات الأداء السابق. إذا كنت قد وصلت إلى مرحلة متقدمة في هذا الصدد يمكنك الآن فتح حساب مع وسيط فوركس والبدء في التداول بأموال افتراضية مجاناً قبل الانتقال إلى التداول بأموال حقيقية. يعتمد طول الفترة التجريبية بشكل جزئي على الإطار الزمني الذي تتداول عليه. يحتاج متداولي المدى الطويل، والذين تستغرق صفقاتهم عدة أسابيع أو أشهر، إلى قضاء فترة أطول في التداول التجريبي مقارنة مع الفترة التي يحتاجها المتداول اليومي والذي لا يحتفظ بصفقاته سوى لبضعة ساعات أو أيام معدودة. ولكن حتى إذا كنت متداول يومي أو تستخدم فترات زمنية قصيرة للغاية، بما في ذلك التجارة الخاطفة (الاسكالبينج)، فستظل بحاجة أيضاً إلى قضاء فترة في التداول التجريبي لا تقل عن بضعة أشهر قبل الانتقال للتداول الحقيقي.
قد يتساءل البعض عن السبب في ضرورة قضاء كل هذه الفترة حتى عند التداول على أطر زمنية سريعة؟ الإجابة تكمن في أن الهدف من التداول التجريبي لا يقتصر على مجرد إثبات نجاعة أسلوب التداول المستخدم وقدرته على تحقيق أرباح مستمرة في السوق الحقيقية (حتى برغم أن هذا هو بالفعل الهدف الرئيسي). يتعلق الأمر أيضاً بالتعرف على نفسك كمتداول بشكل أفضل. ستصادف أثناء التداول التجريبي العديد من المواقف غير المتوقعة والتي بدورها ستساعدك على فهم الإطار العام لعملية التداول بشكل أفضل. على سبيل المثال، قد تكتشف أنك لن تستطيع التداول سوى خلال أيام أو ساعات معينة – وهو الأمر الذي ربما لم تأخذه بعين الاعتبار عند إجراء اختبارات الباك تيست. قد تكتشف أيضاً أنك تعود إلى المنزل في وقت متأخر وأنت مرهق جداً وبالتالي لن تستطيع التداول في ساعات الليل. وأيضاً قد تكتشف أنك بحاجة إلى إعداد نظام مركب للتنبيهات حتى يساعدك في اختيار أفضل الأوقات المناسبة للتداول. هناك الكثير من الأسباب التي تجعل من عملية التداول التجريبي أكثر تعقيداً، ولكنه يظل بالتأكيد فرصة أفضل للتعرف على صعوبات التداول الحقيقي والذي ستتعرض خلاله لدرجة أكبر من التوتر والضغوط الانفعالية.
من الضروري السعي لحل أكبر قدر من المشاكل التي قد تعترض طريقك في تداول الفوركس خلال الفترة التجريبية حتى تتجنب الوقوع في أخطاء مكلفة إذا ما تفاجأت بها في مرحلة التداول الحقيقي. وبمجرد التعامل مع كافة هذه التعقيدات ستكون قادراً على التأقلم مع مهام التداول ضمن منظومة حياتك اليومية بعد التأكد من قدرتك على تحقيق أرباح مستمرة لعدة أشهر متواصلة، عندها فقط ستكون جاهزاً للبدء في التداول الحقيقي. يتراوح الوقت المثالي لفترة التداول التجريبي بين أربعة إلى ستة أشهر (ونعني هنا تحقيق أرباح مستمرة خلال هذه الفترة). وفي كل الأحوال لا يجب أن تقل فترة التداول التجريبي عن شهرين إلى ثلاثة أشهر. لاحظ أيضاً أنك يمكنك العودة إلى التداول التجريبي في أي وقت إذا واجهت مشاكل بعد الانتقال إلى التداول الحقيقي — هذا أمر معتاد جداً ويحدث مع الكثير من متداولي الفوركس. كما ينصح العديد من الخبراء أيضاً بالعودة إلى الحساب التجريبي في كل مرة تقرر فيها إجراء تعديلات على طريقة التداول.