النتائج الشائعة

$ £ ¥
¥ £ $

هل حسابات الفوركس التجريبية تتسم بالواقعية؟

يواجه العديد من المتداولين صعوبة في تحقيق أرباح عند التداول في حساباتهم الحقيقية على الرغم من الأداء الباهر الذي يحققونه في حسابات التداول التدريبية أو التجريبية. من الصعب المقارنة بين الحساب الحقيقي والتجريبي حتى إذا كان الوسيط يقدم نفس منصة التداول لكلا الحسابين (وهو أمر غير شائع عموماً). هل يعني ذلك أن شركات الوساطة تتلاعب بالحسابات التجريبية لإغراء المتداولين بالاستثمار في سوق الفوركس؟ دعنا نرى في السطور القادمة ما إذا كان المتداول العادي يستطيع تكرار الأداء التجريبي مع الحساب الحقيقي، وهو الأمر الذي يتطلب في البداية دراسة أوجه التشابه والاختلاف بين منصات الحسابات التجريبية ونظيرتها المستخدمة مع الحسابات الحقيقية. سيساعدنا هذا التحليل في الإجابة على التساؤل الذي يشغل بال الكثيرين حول مدى واقعية حسابات الفوركس التجريبية.

الاختلافات بين الحسابات التجريبية والحقيقية

تحمل منصة التداول المقدمة للحسابات التجريبية عادةً معظم الخصائص الأساسية التي تتوفر في منصة الحسابات الحقيقية. تتيح شركات الوساطة أيضاً للعميل استخدام ميزات التداول الآلي وتنصيب مختلف أنواع المؤشرات على منصة الحساب التجريبي دون أي قيود. وبالتالي، يمكن القول أنه لا توجد اختلافات فنية بين كلا المنصتين على مستوى الوظائف الأساسية.

قد لا تتطابق أسعار الصرف التي تعرضها منصة الحساب التجريبي بالضرورة مع الأسعار الظاهرة على منصة الحساب الحقيقي. كما ستلاحظ أن أسعار السبريد ستظل مستقرة في الحساب التجريبي حتى أثناء صدور الأخبار الهامة مثل مؤشر أسعار المستهلكين أو النمو الفصلي للناتج المحلي الإجمالي. تشهد الحسابات الحقيقية اتساع كبير في معدلات السبريد أثناء فترات تذبذب الأسواق وهو ما يعني أن الأرباح التي ستحققها أثناء صدور هذه الأخبار الهامة ستكون أقل من تلك المحققة في الحساب التجريبي.

أيضاً من الشائع أثناء التداول الحقيقي أن يفقد المتداول في كثير من الأحيان فرصة دخول السوق عند المستوى المرغوب بسبب القفزات السعرية التي تظهر بين الحين والآخر. وعلاوة على ذلك، سنلاحظ أن أزواج العملات تتحرك بطريقة عشوائية أو في مسار متعرج. هذه القفزات السعرية قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى ضرب مستويات وقف الخسارة، وهو الأمر الذي لن تصادفه كثيراً عند التداول على الحساب التجريبي. ولهذه الأسباب مجتمعة، تتعرض الحسابات الحقيقية لمخاطر الخروج المبكر وتقليص الأرباح عند مقارنتها مع نتائج الصفقات في الحساب التجريبي.

كما يعتبرالانزلاق السعري أحد الظواهر الشائعة في أسواق العملات الأجنبية، والذي يعزى إلى المنافسة بين وسطاء التجزئة للحصول على السيولة التي تقدمها البنوك والمؤسسات الكبرى، وهو ما قد يؤدي إلى تغير سريع في الأسعار المعروضة أمام المتداول نتيجة حركة الأسواق السريعة. هذه الحالات من إعادة التسعير، تعني أن المتداول قد لا يتمكن من الوصول إلى مستويات السعر المستهدفة أثناء البيع أو الشراء. كما قد يصادف المتداول حالات التنفيذ الجزئي للأمر، على سبيل المثال قد يتم تنفيذ 3 عقود من أصل 10 عقود مفتوحة في الأمر المعلق، وهو ما يؤدي إلى إلغاء الجزء المتبقي أو تحديث السعر ليعكس التغيرات الأخيرة. لن تصادف هذه العيوب عادةً في الحساب التجريبي حيث ستتمكن من تنفيذ أي كمية من العقود عند أخر سعر معروض دون مشاكل.

وحتى إذا اختار متداول الحساب الحقيقي استخدام وضع ’تنفيذ السوق‘، بدلاً من الأمر المعلق، فلا يوجد ضمان بأن السعر الذي يراه على الشاشة سيكون قابلاً للتنفيذ. لهذا السبب تعرض نافذة الأمر في منصة MT4 الرسالة التحذيرية التالية "تنبيه! سيتم تنفيذ الصفقة وفق ظروف السوق، وبالتالي قد يحدث اختلاف كبير عن السعر المطلوب." قد يتعرض المتداول لانزلاق سعري إيجابي أو سلبي، وهي المشكلة التي لن يواجهها عند التداول في الحساب التجريبي.

عند ممارسة التداول الحقيقي، قد تجد نفسك مضطراً لاستهلاك جزء من وقتك وأموالك لمجرد حل المشاكل الناجمة عن أخطاء الوسيط، وهو نفس الوسيط الذي سيكون أدائه مثالياً أثناء استخدام الحساب التجريبي.

خلاصة القول أن استخدام نفس منصة التداول مع الحساب الحقيقي والتجريبي لا يعني أنك ستصادف نفس ظروف السيولة وإعادة التسعير والسبريد والانزلاق السعري، حيث تختلف الأمور تماماً عند التداول على حساب حقيقي.

حجم الحساب التجريبي

حين يكون المتداول حالماً بعض الشيء فإنه نادراً ما يأخذ من وقته ثانية للتفكير في حجم الأموال الافتراضية المتاحة له في الحساب التجريبي كي يتداول الفوركس. يوفر الوسطاء في كثير من الحالات مبلغ يتراوح بين 50,000$ أو 100,000$ في هذه النوعية من الحسابات التدريبية. وبالتالي لا يشعر المتداول التجريبي بالقلق إذا خسر ألف أو ألفي دولار، وهو ما قد يعكس مشكلة أكثر خطورة تتمثل في غياب الانضباط الذاتي وتجاهل قواعد إدارة المخاطر. تكمن المشكلة في أن هذا السلوك غير المنضبط قد يمتد لاحقاً عند الانتقال للتداول على حساب حقيقي، والذي في كثير من الأحيان يتراوح رأسماله المبدئي بين 1,000$ إلى 5,000$. التغافل عن إتباع قواعد مناسبة لإدارة المخاطر يعني أن سلسلة من أربعة أو خمسة صفقات خاسرة ستكون كافية لمحو ما لا يقل عن 20% من رصيد الحساب. لن يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سيؤدي الإحباط من الخسارة إلى ارتكاب مزيد من الأخطاء. بعبارة أخرى، فإن توفر قدر كبير من الأموال الافتراضية في الحساب التجريبي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى سلوكيات سلبية تفتقد الحكمة عند التداول على الحساب الحقيقي.

تأثير العواطف

تلعب العواطف والجوانب الشعورية دوراً كبيراً ومؤثراً على أداء المتداول. لا يختلف الأمر حتى مع المتداولين الذين يمتلكون مهارات التحليل الفني والأساسي حيث من الوارد أن يواجهوا صعوبة في كبح جماح مشاعر الغضب أو الطمع أو الخوف عند التداول في سوق العملات. لا يقع متداول الحساب التجريبي عادةً تحت هذه الضغوط العاطفية حتى عند مواجهة أحداث غير متوقعة مثل الانعكاس المفاجئ في الترند الحالي، لأنه ببساطة يتداول باستخدام أموال افتراضية. يستطيع متداول الحساب التجريبي أن يجلس بهدوء ويشاهد حركة الأسعار بل من الوارد في أحيان كثيرة أن تتحول بعض صفقاته الخاسرة إلى رابحة دون أن يساوره أي نوع من القلق. هذه السيناريوهات تبدو مستحيلة بالنسبة لمتداول الحساب الحقيقي لأنه في أغلب الأحوال سوف يستخدم أمر إيقاف الخسارة لإنهاء الصفقات الفاشلة. أيضاً إذا تعرض لانزلاق سعري كبير فسوف يكون مضطراً لتنفيذ الأمر عند سعر السوق السائد والذي يكون في بعض الأحيان بعيداً عن السعر المرغوب.

وقوع المتداول في فخ الخسائر عند التداول على حساب حقيقي سوف يجعله عصبياً عند الدخول أو الخروج من الصفقات التالية. ستؤثر هذه الحالة من عدم الاتزان على النتائج المحققة خصوصاً عند مقارنتها مع الأداء عند التداول على حساب تجريبي بعيداً عن الضغوط العاطفية.

عندما يخسر المتداول صفقة في الحساب التجريبي فإنه لن يشعر بالإحباط أو القلق. يختلف الأمر مع متداول الحساب الحقيقي لأن خسارة الأموال سوف تدفع عقله وقلبه للتفكير في دخول صفقة أخرى لتعويض الخسارة. ومرة بعد أخرى يدخل المتداول في دائرة الإفراط في التداول، وهي الدوامة التي تقود عادةً إلى تكبد خسائر أكثر فداحة وفي بعض الأحيان يجد المتداول نفسه عاجزاً عن التفكير في أي خطوة أخرى.

خاتمة

يجب أن يقتصر استخدام حساب التداول التجريبي الذي يقدمه وسطاء الفوركس على صقل أداء الاستراتيجية والتعود على منصة التداول. لا يواجه متداول الحساب التجريبي عادةً نفس المشاكل التي قد يتعرض لها عند العمل على حساب حقيقي، مثل انخفاض السيولة أو تغير السبريد أو الانزلاق السعري. توفر الحسابات التجريبية أيضاً أرصدة كبيرة من الأموال الافتراضية الأمر الذي قد يؤثر بالسلب على الانضباط الذاتي للمتداول. وعلاوة على ذلك، لا يتعرض متداول الحساب التجريبي للضغوط العاطفية التي تصاحب فترات اضطراب الأسواق. بعبارة أخرى، من المستحيل أن يتمكن المتداول من تكرار نفس النجاح أو الأرباح التي يحققها في الحساب التجريبي. ولهذا يمكن القول أن الأداء المحقق في الحسابات التجريبية أو التدريبية يفتقر إلى عنصر الواقعية. ولكن يظل الحساب التجريبي برغم ذلك أداة مفيدة لمن يرغب في التدرب على التداول وفهم الجوانب الفنية للمنصة، فضلاً عن التعود على تحركات الأسعار وتطويع استراتيجية التداول بالشكل الذي يمكنه من اكتساب الثقة اللازمة للتداول في أسواق العملات لاحقاً.