في هذا المقال سنتطرق إلي معالجة الجانب الأخر للحجة التي طرحناها في موضوعنا السابق المعنون بـ " اختيار وسيط الفوركس المناسب " . هذا المقال ركز علي الممارسات الخاطئة التي يقوم بها وسطاء الفوركس كما يتساءل أيضا عما إذا كان لدينا الحق في إلقاء اللوم علي هذه الشركات أم ان توقعاتنا منهم ببساطة هي غير واقعية؟
هل من الشائع إلقاء اللوم علي وسيط الفوركس؟
هناك عدد قليل من المواقع المنتشرة علي شبكة الانترنيت ( وموقعنا من ضمنهم ) والتي تتيح لك الفرصة لاستعراض وسطاء التداول وان كان ملاحظا وجود اتجاه يتنامى نحو الحديث عن سلبية محتوى مثل هذه الخدمات . ما نعنيه هنا هو ان هناك عدد التقييمات السلبية يفوق بكثير تلك التي تتحدث بايجابية . قد تكون هناك أسباب متعددة لهذا : فهناك ميل للقفز علي عربة التقييمات السلبية خصوصا إذا كنت قد فقدت أموالك في هذا السوق. ومن ثم فأنت بالأصل لديك مشاعر سلبية متعلقة بهذا الأمر . قد تكون من الحكمة أيضا النظر إلي حقيقة ان الطبيعة البشرية تبدوا أكثر ميلا إلي السلبية ; علي سبيل المثال حينما تقوم باستعراض الأخبار فهل يا تري يمكن مقارنة القصص الإخبارية السلبية مع تلك الايجابية ؟ وهل هذا بسبب ان الأشياء السيئة تحدث بكثرة أم لأننا نجد مثل هذه القصص أكثر " تسلية " من غيرها؟ نعتقد بان الجزء الأكبر من "مهاجمة" الوسطاء راجع بالاضافة إلي حقيقة ان هناك بالفعل عدد كبير من الوسطاء السيئين هم في الواقع أكثر من " الايجابيين " إلا أننا نعتقد ان بعض هذه الاستعراضات ليست عادلة تماما لان توقعاتنا تبدوا غير واقعية في المقام الأول . دعنا نلقي نظرة ونقوم بتقييم بعض من الشكاوي الشائعة.
الانزلاق السعري
الانزلاق السعري هو الفرق بين السعر الذي حددته لتنفيذ أمر تداولك ( في حال استخدام أمر الإيقاف) أو السعر الذي حاولت ان ينفذ به التداول ( في حالة أوامر السوق المعلقة) والسعر تم التنفيذ به فعليا . يجب ملاحظة ان أوامر وقف الخسارة أو تعليق الدخول تصبح أوامر سوقية بمجرد تفعيلها. أيضا بمجرد ملامسة السعر المحدد لذلك فهم لا يحمونك من الانزلاق السعري. هذه واحدة من أكثر الشكاوى شيوعا ضد الوسطاء الذين يتم اتهامهم من قبل المتداولين الغاضبين بأنهم حولوهم من فائزين محتملين إلى خاسرين أو تسببوا في تحويل خسارتهم الصغيرة إلى أخرى هائلة.
الخسارة بصفة عامة هي تجربة غير سارة حتى حينما تكون في أفضل حالاتك. ولهذا إذا كان لديك شعور بان وسيطك هو السبب في هذه الخسارة أو في زيادة حجمها إذا فلابد وانك ستوجه غضبك في هذه الحالة تجاهه. ( ملاحظة : دور نفسية التجارة وإدارة العواطف يأتي هنا) . وربما يكون ذلك سببا في الإشارة لحاجتك الى مراجعة توقعاتك ثم وضع أية شكاوى في السياق .
الانزلاق بصفة عامة يظل مرتبطا بالفترات التي تتميز إما بقدر هائل من التقلبات السوقية أو حتى بالأوقات التي تكون فيها التقلبات في أدنى درجاتها . أيضا فان حجم أوامر تداولك تعتبر مكون إضافي في هذا الموضوع, فمن الشائع ان أكثر الأوقات التي تتسم بدرجة عالية من التقلبات في أسواق الفوركس هي أثناء صدور الأحداث والأخبار الاقتصادية الهامة. وليس من قبيل المصادفة ان هذا هو ذاته الوقت الذي يعاني فيه المتداولون من اكبر قدر من حالات الانزلاق السعري. ويرجع هذا إلي ان الإصدارات الاقتصادية ينتج عنها طلب هائل علي التداول حيث يتسارع جميع من في السوق علي فتح مراكز تداول في ذات الوقت.
هؤلاء المتداولون الذين ينشطون في مثل هذه الأوقات ربما يفهمون ان نقاط قليلة من هنا ونقاط قليلة من هناك سوف تصنع كل الفرق في ان تغلق تعاملات اليوم رابحا أو خاسرا . فالتعبئة الخاطئة قد تكون كافية لصنع الفرق, وحينما تعاني من احدها فمن من الطبيعي ان تلوم وسيطك لكونه بطيئا جدا أو لكونه تعتبره غير امين بعد مصادرة أموالك لحسابه وفق تصورك. برغم ذلك فان الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هو ان الانزلاق السعري في أوقات الأخبار الهامة هو أمر شائع للغاية وفي بعض الحالات يمكن القول بأنه من غير العملي تجنبه ولكن أفضل من لوم وسيطك الذي تتعامل معه فان هناك عدد من الخطوات يمكن اتخاذها للتقليل أو حتى القضاء علي أسعار التنفيذ الخاطئة مثل:
كن منتبها إلي الأوقات التي تتداول فيها : فإذا لم تكن متداولا للأخبار سيكون من الأفضل ان تتجنب أوقات إصدار الأخبار التي ينتظرها السوق باهتمام كبير. عن طريق هذا فأنت ستتجنب التجارة في الأوقات التي تتسم بقدر عالي من التقلبات وبالتالي تقلل بشكل كبير فرص مواجه الانزلاق السعري . أما إذا كنت تتداول بناء علي الأخبار إذا فان هناك بعض الخطوات الاحترازية التي يمكنك اتخاذها ( انظر بالأسفل ).
الدخول مع أوامر معلقة : الأمر المعلق سوف يتم تنفيذه عند سعر محدد ومن ثم فانه سيقضي تماما علي الانزلاق السعري. برغم ذلك فان الأوامر المعلقة التقليدية يمكن وضعها فقط اعلي أو أسفل سعر السوق الحالي وهو ما يتطلب الدخول مع احد التصحيحات السعريه. هذه النوعية تعتبر احد تقنيات تداول المتقدمة نسبيا وبالتالي تتطلب درجة مناسبة من الخبرة . من ناحية أخرى فان الأمر المعلق سوف يحل فقط مشكلة الانزلاق أثناء دخول السوق إلا انه لن يزيل احتمال الانزلاق في حالة الخروج أو إغلاق الصفقة بشكل يدوي سواء لتحجيم خسائر أو اخذ أرباحك دون الاعتماد علي أهداف ثابتة.
الدخول بعد الارتفاع الأولي : الحركة الأولي التي تلي إصدار البيانات الهامة غالبا ما تفجر الموقف وتخلق ما يسمي : "القفزة " في الأسعار . إذا كنت تنتظر انتهاء هذه المرحلة ثم تعطي الفرصة للسوق كي يقوم بهضم الأخبار أو البيانات المصدرة, إذا في هذه الحالة فأنت تتجنب الجسم الرئيسي لتقلبات السوق . هذا يعطيك الوقت الكافي لتخطيط تجارتك بناء علي المحصلة النهائية للبيانات المصدرة وربما تتمكن من الإمساك بأحد التصحيحات السعريه التي يمكن من خلالها تنفيذ دخول معلق .
اختر وسيطك الخاص وفق لما يلي : إذا كنت تتعامل مع احد الوسطاء الذي لدية غرفة تداول, في هذه الحالة فانك ( نظريا) معرض لاحتمال اكبر بان تواجه حالات انزلاق سعري بأكثر مما يمكن ان تصادفه في حالة التعامل مع وسيط من نوعية ECN . في اغلب الأحيان فمن المرجح ان احد الأشخاص في الافتراض الأول سوف يقوم بالتوفيق بين أوامر التداول عبر غرفة العمليات وهو الأمر الذي قد يأخذ وقتا ويتركك معرضا إلي تأخير التنفيذ خصوصا في الأوقات المزدحمة. فيما الوسيط ECN ليست لديه هذه العوائق وبالتالي تقل معه احتمالات الانزلاق السعري خصوصا وان اختلافات هائلة قد تحدث مع التأجيل ولو لجزء من الثانية. المحصلة من هذا انه إذا كنت تتداول بنشاط في الأوقات المزدحمة عبر وسيط ECN فربما قد يكون هذا الاختيار هو الأنسب لاحتياجاتك . علي الجانب الأخر إذا كنت لا تتداول بشكل مستمر أو لديك حساب صغير ولا تستطيع تحمل عمولات وسطاء ECN إذا فان اختيار وسيط لديه غرفة عمليات قد يكون كافيا.
الوسيط يتداول ضدي
هذه هي احد الشكاوى الشائعة للغاية والتي تقف خلفها نظرية المؤامرة التي تري بان اغلب وسطاء الفوركس هم في الواقع يحبذون خسارة عملائهم لأنهم يقفون علي الجانب المعاكس من تداولاتهم . إذا ابتعدنا قليلا عن هذه النظرية , يمكننا النظر إلي حقيقية ان هناك دائما شخص ما علي الجانب الأخر من تداولاتك . لانك كي تقوم بالبيع فلابد ان يوجد شخص علي الطرف الأخر يقوم بالشراء والعكس بالعكس. لذلك فانه دائما هناك شخص ما في مكان ما يريدك ان تخسر ! الان فان بعض السماسرة يدعون بأنهم يقومون بمطابقة أوامر عملائهم في غرفة التداول فيما آخرون يستخدمون غرفة التداول لتعويض تجارة عملائهم من خلال المركز الإجمالي لهذا الوسيط في السوق وهو ما يعرف باسم التحوط .
إذا قام الوسيط بعملية التحوط بشكل كامل فهذا يعني أنهم سوف يحصلون الاسبريد الذي يقوم العملاء بدفعه ( والذي هو بالطبع اكبر من الاسبريد الذي يدفعه الوسيط في سوق مابين البنوك ) وهذا الفرق هو ما يمثل ربح الوسيط .
نظرية المؤامرة جاءت من فكرة ان معظم المتداولين يخسرون لذلك فانه سيكون أكثر فائدة لوسطاء الفوركس التداول في عكس اتجاهات عملائهم بأفضل من تبني ذات الاتجاه والتحوط لأنفسهم .
خبرات الأوامر المؤجلة والانزلاق السعري وإيقاف صيد الفرص أضافت إلي الشعور الذي يفسر الخسارة علي أساس ان الوسطاء يسرقون أموال عملائهم بأكثر مما يذهب باتجاه احتمالية حدوث مشاكل منطقية قد تصيب نظام التداول اثناء الأوقات المزدحمة
.
الخاتمة
في هذه المقالة حاولنا ان نشير إلي البدائل المحتملة لنظريات قصور وسطاء الفوركس فضلا عن التعرض لبعض الطرق التي يمكنها التقليل من الآثار السلبية المصاحبة . إذا كنت مازلت تعتقد بشكل قوي بان وسيطك يتداول ضدك ويري من مصلحته ان تخسر المال. إذا في هذه الحالة فانك تقوم بنوع من التدمير الذاتي للعقل لان هذا الاعتقاد سوف يحرمك من القدرة علي تحديد المشاكل القريبة مثل التداول بشكل نفسي وأوجه القصور في إستراتيجية التجارة التي تستخدمها. ولكن الحقيقة الأساسية تبقي في انه إذا كنت غير راضي عن الوسيط الذي تتعامل معه أو تواجه حالات انزلاق سعري متكررة أو إعادة تسعير متتالية فضلا عن ضعف مستوى خدمة العملاء عندهم و تجميد منصة التداول و أوامر التجارة لفترا طويلة فانه في هذه الحالة يجب تغيير الوسيط. بنهاية اليوم فان الأسباب المتمثلة في ضعف خدمة العملاء تحتل أهمية تالية في التأثير علي تجارتك. فقد يكون وسيطك أمينا إلا ان التكنولوجيا التي يستخدمها غير مناسبة وربما أيضا تكون قد وقعت ضحية لأحد وسطاء بير السلم والذي يحاول ان يضع شكواك في سياق ديناميكية السوق المعتادة. اذا لم تفلح أي من استراتيجيات المواجهة المذكورة في إيجاد أي اختلاف ايجابي إذا فقد حان الوقت للبحث عن وسيط جديد.