نعم، يمكن أن يجعلك تداول الفوركس غارقاً في الديون ما لم تأخذ الاحتياطات المناسبة. نستعرض فيما يلي بعض السيناريوهات التي يمكن أن تجعلك مديوناً بسبب التداول وبأسرع مما تتخيل.
الحصول على قرض للاستثمار في التداول
أحد القواعد الأساسية في عالم التداول والاستثمار هو تجنب تمويل صفقاتك عن طريق الاستدانة. يعني ذلك ضرورة البحث عن طرق أخرى لتمويل حساب التداول بدلاً من اقتراض الأموال بنية إعادة سداد القرض من أرباح التداول.
المنطق وراء هذه القاعدة بسيط للغاية، وهو أن التداول في سوق الفوركس ينطوي على مخاطر جمة، وحتى المتداولين الرابحين ليسوا استثناء من تلك القاعدة، حيث يتعرضون هم أيضاً وفي أحيان كثيرة لسلاسل من الخسائر المتتالية. التداول بأموال مقترضة سيضعك تحت ضغوط هائلة حيث ستشعر بأنك مضطر لسداد قرضك للدائن في وقت محدد.
يعني ذلك أنك ستقع في فخ الإفراط في التداول ’لإجبار السوق‘ على إعطائك بعض الأرباح، وتلك عقلية كارثية ستدفعك إلى اتخاذ قرارات خاطئة تنتهي غالباً بخسائر فادحة. وعلاوة على ذلك، تتحرك الأسواق في كثير من الأحيان داخل نطاقات عرضية دون أي اتجاهات واضحة، وهو ما يعني أنك قد تضطر لإغلاق بعض الصفقات الجيدة على خسارة لأنك بحاجة للحصول على الأموال بسرعة لسداد قروضك.
وبناءً على ذلك، ننصحك بتجنب اقتراض أي أموال لتمويل أنشطة تداولك في سوق الفوركس، كي لا ينتهي بك الأمر وأنت غارق في ديون تعجز عن سدداها.
الاستخدام المفرط للرافعة المالية
يوفر معظم وسطاء الفوركس الرافعة المالية لعملائهم، والتي تسمح لهم بفتح مراكز تداول أكبر من الرصيد المتوفر في حساباتهم، وهو الأمر الذي يتشابه مع ما يطلق عليه التداول بالهامش في أسواق الأسهم.
الميزة الرئيسية للرافعة المالية هي أنها تساعدك على زيادة فرص الربح بأكثر مما توفره أموالك الشخصية المتاحة في حساب التداول. برغم ذلك، لا تنسى أن الرافعة المالية هي سلاح ذو حدين حيث يمكنها أيضاً أن تضاعف خسائرك، بل وتؤدي إلى تصفير حسابك، إذا كانت صفقاتك خاسرة.
هذه المخاطر دفعت هيئات التنظيم والرقابة المالية مثل هيئة مراقبة السلوك المالي في المملكة المتحدة (FCA) إلى تطبيق قيود على الحد الأقصى للرافعة المالية المسموح بها للمتداولين الأفراد، بحيث لا تتجاوز 1:50. برغم ذلك، يستطيع ما يطلق عليهم "المتداولين المحترفين" التفاوض مع وسيطهم للحصول على مستويات أعلى من الرافعة المالية.
تجاهل القواعد السليمة لإدارة المخاطر (الطمع)
يعتبر الشعور بالطمع واحد من الأسباب الأكثر شيوعاً لفشل متداولي الفوركس، حيث يدفعهم الجشع عادةً إلى تدمير حساباتهم والوقوع في فخ الديون. على سبيل المثال، يتجاهل العديد من المتداولين الجشعين القاعدة الذهبية التي توصي بعدم المخاطرة بأكثر من1-2% من رصيد الحساب في الصفقة الواحدة.
تطبيق هذه القاعدة يعني أن تصفير حسابك سيحتاج على الأقل إلى أكثر من 50 صفقة خاسرة. برغم ذلك، يتجاهل معظم متداولي الفوركس هذه القاعدة البسيطة ويخاطرون بأكثر من هذه النسبة في الصفقة الواحدة، وهو ما يقضي بطبيعة الحال على الحساب بعد بضعة صفقات خاسرة.
أحد المخاطر الأخرى الناجمة عن عدم التطبيق السليم لقواعد إدارة المخاطرة هو التعرض لخسائر فادحة في حال وقوع أحداث غير متوقعة تؤدي إلى تحركات حادة ومفاجئة في أسواق العملات، مثل الانهيارات اللحظية أو المصغرة، وهو ما سيجعلك غارقاً في الديون إذا كنت تخاطر بأكثر من 1-2% من رصيد حسابك في كل صفقة.
التداول العاطفي
يدرك المتداولون المخضرمون أهمية الابتعاد عن السوق عندما يكونوا في حالة مزاجية غير مستقرة، لأن تعكر المزاج سيؤدي غالباً إلى الوقوع في أخطاء جسيمة يمكن تجنبها عندما يكون ذهنك صافياً.
يعني ذلك ضرورة تقييم حالتك المزاجية الحالية قبل بدء التداول، بل ومن المستحسن إلغاء كافة خطط التداول إذا راودتك بعض المشاعر الخارجة عن سيطرتك بمجرد بدء التداول.
على سبيل المثال، من غير المستحب ممارسة التداول إذا كنت تشعر بالحزن أو بعد الدخول في مشاجرة حادة مع زوجتك أو صديقك، لأن حالتك العاطفية في هذه الحالة لن تكون على ما يرام، وهو ما قد يوقعك في بعض الأخطاء الساذجة.
يجب أيضاً أن تأخذ استراحة من التداول في حال واجهتك سلسلة متصلة من المكاسب أو الخسائر المتتالية، وذلك حتى تتمكن من استعادة توازنك العقلي والتخلص من الأثر العاطفي لنتائج التداول السابقة. على سبيل المثال، اذا كنت محظوظاً وحققت سلسلة من الصفقات الناجحة دون انقطاع، فإن هذا سيجعلك تشعر بالغرور، فيما سيؤدي تكبد خسائر متتالية إلى إضعاف ثقتك بنفسك والشعور بالرغبة في الانتقام من السوق، وكلا السيناريوهين يقودان غالباً إلى الفشل الذريع.
ملاحظات أخيرة
هناك عشرات الأسباب التي قد تجعل من تداول الفوركس سبباً لإغراقك في الديون، والتي لا تقتصر على الحالات التي ذكرناها أعلاه. برغم ذلك، فإن أفضل طريقة لتجنب إثقال كاهلك بالديون هو تطوير خطة تداول حكيمة وإتباع القواعد التي اختبرت فاعليتها دون أي استثناءات.
يجب أن تتضمن خطة تداولك استراتيجية ملائمة لإدارة المخاطر، وكذلك سلسلة من إجراءات التدقيق لضمان أنك تفكر بالشكل الصحيح، مع العلم أن الحس السليم يفترض امتلاك ميزة معينة تسمح لك بتحقيق النجاح كمتداول على المدى الطويل.
تذكر أيضاً أن العديد من وسطاء الفوركس ، خصوصاً الشركات الأوروبية، توفر حالياً الحماية من الرصيد السلبي، والتي تعني أن المتداولين الأفراد لن يخسروا أكثر من الأموال التي أودعوها في حساب التداول. يجب عليك التفكير في هذا الأمر عند اختيار الوسيط لأن توفر هذه الميزة يضمن عدم وقوعك في فخ الديون في حال وقوع انهيار لحظي أو ظهور فجوة سعرية كبيرة في السوق لأي أسباب غير متوقعة.