أنظمة التداول اليدوية
نظام التداول اليدوي هو النظام الذي يقوم بإصدار وإرسال قرارات التداول إليك باستخدام برنامج حاسوبي ولكن يتبقى عليك مهمة تنفيذ الصفقات وإشارات التداول بنفسك. يمكنك أن تبني نظامك الخاص للتداول اليومي كما يمكنك شراؤه أو حتى الحصول عليه مجاناً من شخص آخر عبر الإنترنت. تأتي الأنظمة التي يتم شراؤها في شكل برنامج تقوم بتشغيله بنفسك كما قد تأخذ شكل تقرير يتضمن توصيات التداول حيث يقوم مشغل النظام بإرساله إليك عبر الإنترنت أو جعله متاحاً على إحدى مواقع الويب.
ستحتاج إلى أن تدخل كل صفقة بنفسك وبالتالي سيكون بمقدورك رفض أو قبول أي صفقة يوصي بها نظام التداول. وغني عن القول أن انتقاء بعض الصفقات ورفض البعض الآخر يعني أن سجل أدائك سيكون مختلفاً عن سجل الأداء الافتراضي لنظام التداول. وبالنظر إلى أننا نستخدم المؤشرات وأنظمة التداول الآلية لتحرير أنفسنا من الضغوط العاطفية، لهذا فإن الأمر سيتطلب قدر هائل من ضبط النفس لتنفيذ بعض الصفقات التي يمليها النظام ولكن نعتقد أنها قد تكون خاسرة.
مراجعة توصيات النظام قد تكون قرار حكيم أو أحمق بحسب الوضع السائد ومدى بطء نظام التداول. اذا كان هناك حدث كبير أو خبر هام على وشك الصدور ونتوقع معه حدوث انعكاس بنسبة كبيرة فإن مؤشرات النظام قد تفشل في اللحاق بهذا الانعكاس خلال نفس الفترة وبالتالي قد تضطر إلى الانتظار حتى فترة مقبلة للدخول إلى الصفقات أو الخروج منها. وفي مثل هذه الحالات ستفوتك الفرصة الكبرى بسبب الارتكان كلياً إلى النظام. تعد هذه الحالة مثال نموذجي لتبرير اتخاذ قرار منطقي بتجاوز النظام، ولكن سيتطلب الأمر أيضاً التأكد من الإلمام بالمعرفة الكافية لاتخاذ قرار صائب أثناء تلك الفترات المتقلبة لأن الثرثرة الفارغة دون أسانيد حقيقية قد تغريك على التفكير في سيناريوهات لا تَمُتُّ للواقع بصلة.
يلجأ العديد من المتداولين إلى الاستعانة بأنظمة التداول اليدوية بهدف تجنب إضاعة الوقت في خطوات روتينية وأحياناً مملة، بما في ذلك المزج بين العوامل الفنية والأساسية. إذا كنت متداول مبتدئ أو بدأت العمل منذ فترة قصيرة فمن الضروري التزام الحذر عند تجاوز توصيات نظام التداول اليدوي خصوصا عند التعامل مع متغيرات أساسية. ففي نهاية الأمر يكون السعر قد وصل إلى مستوياته الحالية استناداً إلى قرارات التداول التي اتخذها كبار الخبراء في السوق والذين بكل تأكيد لديهم دراية بتلك العوامل الأساسية. العبارة التقليدية التي تدعي بأن "سعر السوق يدمج كافة المعلومات المتوفرة" ليست دقيقة تماماً في عالم الفوركس — لأن بعض المعلومات الهامة قد لا تكون معروفة على نطاق واسع، مثل مراكز كبار اللاعبين (حيث لا تتاح بيانات دقيقة حول أحجام التداول في الفوركس). ولكن ستلحظ أن المتداولين في البنوك وشركات الوساطة الكبرى لديهم اطلاع على تلك المعلومات وبالتالي يستفيدون منها في التداول لحسابهم الخاص، وهو ما يؤثر بدرجة كبيرة على اتجاهات الأسعار. ما الذي يدفعك للاعتقاد بأنك تعرف أكثر من الآخرين؟ قد تكون على صواب ولكن يجب أن تتوفر ثقة كبيرة في التحليلات التي تتبناها بحيث تكون كافية لتبرير تجاهل توصيات نظام التداول.
يستند جوهر أي نظام للتداول إلى توصيف مستويات الشراء/البيع مع التعريف الدقيق لمستويات الخروج والتي يفضل أن تكون في شكل تحديد لمواضع إيقاف الخسارة وأخذ الربح. الميزة الرئيسية لنظام التداول اليدوي— بخلاف قدرته على تجاهل صفقات معينة — هو أنه يمنحك السيطرة الكاملة على قواعد الشراء والبيع المستندة إلى المؤشرات (استراتيجية التداول) وأيضاً المعايير المسبقة لتحديد نقاط الإيقاف والربح (قواعد إدارة رأس المال). تتمتع الإصدارات الجيدة من أنظمة التداول اليدوية بقواعد مرنة للدخول والخروج والتي يمكن أيضاً عرضها على الرسم البياني حتى يتمكن المستخدم من فهمها بشكل أفضل.
يجب أن تتحلى بالحذر الشديد إذا قررت شراء نظام تداول من أحد الأشخاص الذين لا تعرفهم على وجه اليقين. بعض البائعين سيطلقون على مؤشراتهم أوصاف تتسم بالمبالغة مثل "الأكثر موثوقية" أو "الأكثر ربحية". إذا صادفتك مثل هذه الأوصاف وأنت بصدد الشراء فمن الأفضل الابتعاد عنه والبحث عن نظام آخر. قد تجد مؤشر ما يحقق أفضل النتائج مع عملة معينة على إطار زمني بعينه وباستخدام تفضيلات معينة للمخاطرة، وهو الأمر الذي يتكرر أيضاً مع أنظمة التداول، فلا يوجد "حجم واحد يناسب الجميع". لا تعتمد قيمة نظام التداول اليدوي على المؤشرات بحد ذاتها بل على تجميع هذه المؤشرات بطريقة قادرة على تحقيق مكاسب أكبر من الخسائر. بعبارة أخرى، فإن نظام التداول كي يكون مربحاً يجب أن يحقق عائد إيجابي للمتداول. يمكن تحقيق هذه النتيجة حتى إذا كانت عدد الصفقات الرابحة التي يحققها النظام أقل من عدد الصفقات الخاسرة، وذلك طالما كان متوسط الربح أكبر بدرجة معقولة من متوسط الخسارة.
ولهذا السبب من الضروري الاطلاع على سجل الأداء السابق للنظام على مدار فترة زمنية طويلة للتأكد من موثوقيته، وهي عبارة تعني قدرته على تحقيق نسبة جيدة للربح مقابل الخسارة في ظل ظروف السوق المتغيرة. سجل الأداء الذي يقتصر على عام أو عامين لن يكون كافياً حيث تحتاج إلى سجل يتضمن بيانات للأداء المستمر على مدار خمسة سنوات على الأقل. علاوة على ذلك، قد لا يهم كثيراً ما إذا كانت هذه الصفقات قد تم تنفيذها بواسطة بائع النظام نفسه أم لا طالما كان النظام قادراً على إصدار إشارات الشراء/البيع في وقت مبكر وبشكل يتيح للمتداول العادي فترة معقولة لتنفيذ هذه الصفقات. أيضاً من الضروري أن يتطابق الحساب اللاحق للأرباح والخسائر مع الإشارات التي سبق إصدارها بالفعل.
أحد العوامل الأخرى التي يجب مراعاتها عند الحكم على نظام التداول اليدوي هو قواعد إدارة رأس المال التي يستخدمها. يمكن أن نتفق بسهولة على أي عدد من المؤشرات القادرة على التوصية بنقاط دخول جيدة، ولكن عند حساب الربح والخسارة يظل مكان وتوقيت الخروج من الصفقة هو الأكثر أهمية. القاعدة الأساسية، وهي قاعدة ممتازة في كل الأحوال، تفترض أن أهداف الربح يجب أن تكون دائماً أكبر من مسافة وقف الخسارة. اتباع هذه القاعدة يعني أن النظام سيظل مربحاً حتى إذا كانت نسبة الصفقات الرابحة والخاسرة متساوية، أي 50% لكل منهما. بطبيعة الحال قد تكون هذه النسبة غير مريحة من الناحية السيكولوجية حيث يصعب عليك تقبل أن تكون نصف صفقاتك خاسرة. لهذا من الضروري الاطلاع على سجل أداء النظام لتعرف ما إذا كنت قادراً على تحمل نسبة الربح/الخسارة التي يحققها. يجب عليك أيضاً التأكد من أن النظام يطبق قواعد متسقة لتحديد أهداف الوقف/الربح بحيث تكون مناسبة لحجم رأسمالك ودرجة تحملك للمخاطرة. كما من الضروري أن تكون قادراً على فهم قواعد إدارة الأموال التي يتضمنها النظام وأن تتأكد فعلياً من تطبيق البائع لتلك القواعد. على سبيل المثال، أحد الطرق المتعارف عليها في تحديد مستويات الوقف والأهداف هو جعلها دالة في متوسط المدى الحقيقي، والذي يتغير صعوداً وهبوطاً بشكل كبير بمرور الوقت. أما إذا كانت مستويات الوقف/الأهداف ثابتة دائماً بعدد معين من النقاط فإن هذا سيعني بوضوح أن النظام لا يستخدم مؤشر ATR لتحديد نقاط التوقف. لا نقصد من وراء ذلك أن ATR هو المؤشر الوحيد أو المناسب لتحديد مستويات وقف الخسارة وأخذ الربح ولكن نعني أن قواعد إدارة الأموال يجب أن تكون واضحة ويمكن التحقق من تطبيقها بشكل عملي.
تحديد مستويات إيقاف الخسارة وأخذ الربح هو الحد الأدنى من قواعد إدارة الأموال التي يجب توافرها في أي نظام تداول. أما إذا كان النظام يتضمن تكتيكات إضافية، مثل التوصية بشأن زيادة أو تقليص مراكز التداول أو الصفقات المشروطة، فستكون تلك ميزة إضافية.
لتلخيص ما سبق: هناك العديد من بائعي أنظمة التداول المشكوك في كفاءتها كما لا يخلو المجال أيضاً من محترفي الاحتيال. يستخدم بعض بائعي أنظمة التداول مؤشر واحد على مدى بضعة أشهر ثم يدعون بتحقيق نتائج مذهلة. وغني عن القول هنا أن هذه النوعية من الأنظمة قد لا تحقق لك أي أرباح لعشرة سنوات قادمة.
تجنب التعرض للخداع يتطلب أن تكون قادراً على فهم كل مؤشر من المؤشرات التي تتولى مهمة توليد إشارات الشراء/البيع وما إذا كان بائع نظام التداول اليدوي يستخدم "تقديره الشخصي" لتجاوز التوصيات التي يضعها بنفسه. إذا لم تفهم السبب في ظهور إشارة معاكسة وحتى بعد الفحص الدقيق للرسوم البيانية لازلت غير قادر على رؤية السبب الذي جعل هذه المؤشرات تقوم بتوليد الإشارة المعاكسة، عندها لا تتردد في سؤال البائع لاستيضاح الأمر. يجب أيضاً أن تكون قادراً على فهم قواعد إدارة رأس المال المستخدمة والتأكد من تطبيقها بشكل فعلي وأنها ليست مجرد ديكور لجذب الأنظار. يجب أيضاً أن تقرأ كافة التفاصيل الدقيقة. على سبيل المثال، قد يتطلب نظام التداول اليدوي رأسمال أولي بقيمة تصل إلى 50,000$ أو 100,000$. تحديد هذه القيمة يعتمد بالتأكيد على الرافعة المالية والمؤشرات التي يستعين بها هذا المؤشر كما قد يراعي إمكانية المرور بفترات تراجع حادة تستلزم عدة أشهر قبل تعويض خسائرها. في هذه الحالة سيكون من الغباء أن تشتري نظام تداول مخصص لرأسمال بحد أدنى 50,000$ فيما لا يتجاوز رأسمالك المبدئي 2,000$.
وأخيراً، لاحظ أن العديد من المتداولين ذوي الخبرة، والذين قاموا بتطوير أنظمة التداول الخاصة بهم، يلجأون أيضاً إلى شراء أنظمة تداول يدوية لاعتقادهم بأن هذا النظام الخارجي يمكن أن يعمل بمثابة أداة للتحقق والتأكيد. دعنا نفترض أن النظام الخاص بالمتداول يستند إلى المتاجرة على أساس الارتدادات السعرية — أي تراجع الاتجاه السائد — وهي نفس الفكرة التي يعتمد عليها النظام الخارجي مع التركيز على التراجعات التي تتمتع بقوة كافية للاستمرار. اذا افترضنا أن المتداول قد حصل مثلاً على إشارة بيع من نظامه الخاص فيما يرفض النظام الآخر تأكيد هذه الإشارة. في تلك الحالة يتوقف المتداول لبرهة من الوقت لإعادة التفكير في هذه الصفقة المعاكسة للترند وهو ما قد يجنبه الدخول في صفقة فاشلة.