أهمية استخدام أمر إيقاف الخسارة
لا يمكن أبداً التغاضي عن أهمية استخدام أمر وقف الخسارة كما لا ينبغي أيضاً المبالغة في تقديرها. وكما ذكر وليام جان في عام 1930، فإن عدم استخدامك لأوامر الوقف يعني أن السؤال لن يكون هل ستتعرض للإفلاس أم لا، بل متى ستفلس؟. يعزى ذلك إلى أن السوق يتسم بحساسية شديدة للصدمات الخارجية وبالتالي يمكن أن يتحرك بمئات النقاط في ساعة واحدة — وربما تكون هذه الحركة الحادة والمفاجئة في غير صالحك. هناك أحداث يطلق عليها البجعة السوداء والتي تتميز بأنها كانت تبدو قبل حدوثها شبه مستحيلة وغير متوقعة على الإطلاق.
ولكنك لن تحتاج إلى وقوع أحداث من نوعية البجعة السوداء لتعاني من خسائر كارثية. فقد يؤدي استخدام الرافعة المالية في الفوركس بحد ذاته إلى تضخيم خسائرك. لا تتحرك الأسعار في سوق الفوركس في خط مستقيم، وحتى الاتجاهات القوية تتعرض لانتكاسات وارتدادات متعددة. ولكن عندما يبدأ الارتداد لن تعرف ما إذا كان مجرد حركة ثانوية قصيرة المدى أم قد يتطور إلى انعكاس كامل. هل يمكنك أن تخبرنا ما إذا كان الارتداد الظاهر على الرسم البياني أدناه مجرد حركة مؤقتة أم لا؟
الآن انظر إلى الرسم البياني التالي. ما كان يبدو أقرب إلى ارتداد ثانوي تحول إلى انعكاس كامل:
من الواضح أنه كان من الأفضل إغلاق الصفقة مع بداية الحركة الهبوطية وليس في وقت لاحق. الخروج المبكر كان سيكفل لك الاحتفاظ برصيد كافي لمواصلة التداول في صفقات أخرى. أما الخروج قرب نهاية الحركة كان كفيلاً بمحو رأسمالك بأكمله بعد أن تتكبد خسائر فادحة وقبل أن يتبين في نهاية المطاف أننا لم نكن بصدد ارتداد مؤقت.
يلعب أمر وقف الخسارة وظيفة واحدة — الحد من خسائر مركز التداول. لن يحميك أمر الإيقاف من الخسائر بشكل مطلق بل تكمن فائدته في جعل هذه الخسائر مقتصرة على مبلغ معين يمكن استيعابه ومواصلة التداول لاحقاً. يمكنك وضع أمر إيقاف على مركز شرائي، والذي يصبح في هذه الحالة أمر بيع، أو على مركز بيع، والذي سيكون في تلك الحالة أمر شراء. في كلا الحالتين، أمر إيقاف الخسارة هو خروج من مركز تداول بدأ يتحول إلى الجانب الخاسر. المقابلات التي أجريت مع المتداولين الذين اضطروا إلى الخروج من السوق كشفت أن السبب الرئيسي هو أنهم دائماً "يخسرون في الصفقات الخاسرة أكثر مما يكسبون في الصفقات الناجحة."
قد يراودك الاعتقاد بأنك قادر على مراقبة الأسعار كما الصقر وأنك ستضع أمر الخروج — والذي تحتفظ بموضعه في ذهنك — بمجرد بدء السعر في التحرك ضدك. ولكن تظهر الممارسة العملية أن الخروج بمثل هذه الطريقة هو أمر صعب للغاية. في أغلب الأحيان ستتخيل أن السعر سوف يعود للتحرك في مسار الترند الأصلي خلال بضعة دقائق وبالتالي ستحجم عن وضع أمر الخروج. يطلق على هذه العملية السيكولوجية؛ فخ "سيعود مجدداً".
أو ربما تظن أنك على دراية تامة بما يمكن أن يسبب انعكاس في السوق يجعله يتحرك ضد صفقتك. وفق حكمك الشخصي قد لا يكون الانعكاس مبرراً. وحتى إذا كان هذا صحيحاً فإن السوق لن يهتم بتفسيراتك الشخصية. السوق بطبيعته غير عقلاني تماماً بل وفي بعض الأحيان خاطئ، ولكن عليك هنا التذكر بأن الغرض من التداول ليس أن تكون على صواب، بل أن تكسب المال.
قد يبدو كلا الموقفين متسقين مع التفكير المنطقي ولكنهم في واقع الأمر مجرد أعذار تسمح للعواطف والمشاعر بالسيطرة على مسار تداولاتك.
أحد الأسباب الأخرى التي يذكرها المتداولون لتبرير عدم استخدام أوامر الإيقاف هو أن الوسطاء سوف يعرفون المكان الذي وضعت فيه أوامرك وسيسعون لاصطيادها. هذا هو السبب الذي ذكره مدير إحدى صناديق الاستثمار الشهيرة فيكتور نيدرهوفر — والذي تعرض للإفلاس مرتين. اعتقد الرجل، والذي يعتبر واحد من أشهر مضاربي وول ستريت، أن بإمكانه الاحتفاظ بأهداف الوقف في رأسه وفي نفس الوقت فتح مراكز تداول كبيرة. ولكن ما حدث فعلياً هو أنه قد أفلس مرتين لأنه لم يستخدم أوامر الإيقاف في الوقت الذي تعرضت فيه صفقاته لخسائر كارثية بشكل مفاجئ. هنا قد يثور التساؤل حول ما هو الأسوأ — أن تكون أكثر ذكاءً من شركات الوساطة أم تتعرض للإفلاس؟
لا شك في أن الوسطاء وغيرهم قد يسعون لاقتناص أوامر الإيقاف في محاولة لإجبارك على الخروج عند مستوى يتيح لهم الشراء عند سعر أرخص أو البيع عند سعر أعلى. ولكن من الناحية الواقعية لا أحد يحتاج إلى معرفة مستوى وقف الخسارة الخاص بك بالضبط (باستثناء بعض الوسطاء المرتشين). يتم وضع أوامر الإيقاف عند عدد محدود من المستويات استناداً إلى أسباب فنية منطقية، بما في ذلك خطوط الدعم والمقاومة ، البولنجر الباند و مستويات فيبوناتشي . أي شخص ينظر إلى الرسم البياني يمكنه أن يرى بوضوح تلك الأماكن التي يجب أن تتموضع عندها أوامر الوقف . عدم وضع أمر وقف الخسارة لمجرد أن شخص آخر قد يخمن موضعه هو أشبه بقطع أنفك لان وجهك لا يعجبك. عندما يقرر السوق الذهاب في اتجاه واضح وحاسم فإن التكتيك الذكي الوحيد هو الابتعاد عن طريقه.
السبب الرئيسي في استخدام أوامر إيقاف الخسارة هو استيفاء الاحتياجات المنطقية لخطة التداول. حيث تفترض الخطة الجيدة أنك تعرف مسبقاً معدلات الربح/الخسارة التي من المرجح أن تحققها. بالطبع ليس بمنتهى الدقة لأن السوق يحمل في طياته دائماً مفاجآت عديدة من وقت لآخر. دعنا نفترض أنك ترغب في ربح 2$ لكل 1$ قد تخسره. الطريقة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف هو وضع أهداف واقعية للربح بحيث يكون السعر قادراً على الوصول إليها في معظم الوقت أثناء التداول الحقيقي، مع وضع نظام لوقف الخسارة يجعلها مقتصرة على 50% من الربح المحتمل. بمرور الوقت ستحقق خطة مثل هذه نتائج جيدة وتراكم مستمر لرأس المال.
العيوب
هناك بعض العيوب التي تصاحب استخدام أوامر إيقاف الخسارة. أولاً قد تحدث فجوات سعرية تدفع بالسوق إلى التحرك سريعاً وبوتيرة قد تؤدي إلى عدم تنفيذ أمر وقف الخسارة الذي وضعته عند المستوى المحدد بل عند مستوى أكثر سوءًا. وفي بعض الأحيان قد يعود السعر أدراجه إلى مساره السابق ولكن بعد أن يكون قد ضرب مستوى الإيقاف في صفقتك وألقى بك خارج السوق. هذا الأمر بالطبع مزعج للغاية ولكنه أحد الحقائق التي يجب أن تتقبلها إذا كنت ترغب بالاستمرار في عالم التداول الحقيقي. التذمر بسبب إغلاق صفقتك نتيجة صدمات مؤقتة هو أشبه بالشكوى من أن الحريق الذي شب في منزلك لم يدمر محتويات بالقدر الكافي للحصول على التعويض من شركة التأمين.
أحد العيوب الأخرى هو أن صفقاتك قد يتم إغلاقها مراراً وتكراراً نتيجة الارتدادات السعرية المؤقتة. في واقع الأمر فإن هذا هو خطأ المتداول وليس الأداة نفسها. إغلاق الصفقات أو تفعيل أوامر الإيقاف بشكل متكرر يعني أنها وضعت عند المستوى الخاطئ، أو أنك تتداول على زوج العملات غير المناسب، أو أنك تتداول على إطار زمني خاطئ. على سبيل المثال، إذا وضعت أمر الإيقاف على بعد 15 نقطة من سعر الدخول على إطار الساعة فيما كان متوسط النطاق بين القمة والقاع على مدى عدة ساعات (خلال عدة أيام) هو 30 نقطة، فأنت في هذه الحالة تعرض نفسك لإغلاق صفقتك بسبب قرب مكان إيقاف الخسارة.
وأخيراً، قد تعتقد أن الحل المناسب لعدم معرفة وسيطك بمستويات الوقف التي تضعها هو الاحتفاظ بها في ذهنك واستخدام نظام للتنبيه على حاسبك أو هاتفك أو أي جهاز آخر. ولكن ماذا إذا تعرض أحد أقربائك إلى حادثة واضطررت إلى الذهاب به سريعاً إلى العيادة. نفس الأمر ينطبق على العديد من حالات الطوارئ الأخرى مثل حدوث حريق أو انقطاع التيار الكهربائي؟ بكل تأكيد لن يسمح لك التوتر في مثل هذه المواقف بتذكر مستويات الوقف التي حددتها في ذهنك. ولهذا احرص على تجنب كل هذه المزالق وضع أمر الإيقاف لصفقتك بشكل مسبق.