تداول الاختراقات السعرية
يشير مصطلح الاختراق السعري إلى تغير كبير في الاتجاه الحالي للأصل المتداول. ويشير التعريف التقليدي للاختراق إلى كسر السعر لإحدى خطوط الدعم أو المقاومة (بما في ذلك نماذج المثلثات والأعلام والرايات)، كما يمكن تعريف الاختراق بطرق أكثر تنوعاً مثل كسر البولينجر باند، أو نطاق ATR أو قناة الانحدار الخطي، أو بعض الشموع الخاصة مثل شمعة الابتلاع الشرائي وشمعة الانعكاس. يعبر الاختراق عادةً عن حركة كبيرة تحدث لمرة واحدة في الاتجاه المضاد للترند الحالي، حتى برغم أن بعض الاختراقات يقتصر على كسر سريع ومؤقت لإحدى المستويات الهامة دون أن يستمر طويلاً حيث يعود السعر إلى موقعه السابق دون تأكيد الكسر الفني. يراقب جميع المتداولين، بما في ذلك متداولي المدى الطويل، الاختراقات السعرية عن كثب. وكقاعدة عامة، كلما لحقت بركب الاختراق السعري في بدايته كلما زادت فرص تحقيق الأرباح.
تكمن المشكلة في أن العديد من الاختراقات في سوق الفوركس تكون كاذبة وتتلاشى سريعًا، حيث من الوارد أن يستأنف السعر التحرك في نفس الاتجاه السابق على الاختراق. لا توجد صعوبة في فهم هذه الظاهرة لأن الاختراق يحدث في جوهره بسبب تغير معنويات السوق تجاه العملة. انظر إلى الرسم البياني أدناه. يرافق الاختراق تشكيل شمعة طويلة للغاية، والتي تكسر أعلى مستوى المقاومة ويليها تشكيل مزيد من القمم المتصاعدة. برغم ذلك، تفتقر المعنويات الجديدة إلى قوة متماسكة، حيث تعكس العملة وجهتها بعد تصحيح صعودي (والذي وصل إلى حاجز 100% من الحركة الهبوطية السابقة). ستعرف أن الاختراق قد فشل عندما يكسر السعر مرة أخرى أسفل نقطة الاختراق. يذهب السعر بعد ذلك لتشكيل قاع أدنى بعد تراجع المتداولين عن آرائهم الجديدة التي حفزت الكسر الصعودي الأخير.
لاحظ أن معنويات السوق تتغير طوال الوقت. فبعد مرور عدة أيام من تشكيل القاع الجديد الأدنى، بدأت تظهر معنويات إيجابية وشهدنا كسر صعودي آخر، تلاه موجة صعودية يمكنك رؤيتها على الرسم البياني التالي. لم يفشل الاختراق الثاني حتى الآن، ومن المثير للفضول أن خطوط المقاومة تبدو متوازية. هذا النمط متكرر الحدوث، وربما يعكس أن لكل عملة سمات فريدة في إظهار الزخم. ينطبق هذا الأمر تحديدًا على زوج العملات AUD/USD. على النقيض من ذلك، تأخذ خطوط الدعم والمقاومة على زوج عملات آخر، مثل NZD/USD، انحدارًا بزاوية مختلفة.
غالبًا ما تحدث الاختراقات بسبب صدور أخبار هامة أو أحداث تغير توجهات السوق، مثل انحراف أحد مؤشرات الاقتصاد الكلي الرئيسية عن التوقعات. يُظهر الرسم البياني التالي زوج AUD/USDفي نوفمبر 2023. صدر آنذاك تقرير يُظهر تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة بأقوى من التوقعات، وهو ما أدى إلى تراجع الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى. أدى ذلك إلى أن يغلق الدولار الأسترالي أعلى خط المقاومة خلال يوم صدور التقرير. وكما نرى على الرسم البياني، ثبت صحة الاختراق حيث أن الحركة الارتدادية التي لحقته لم تكن بالقوة الكافية لتقريب السعر من مستوى الاختراق، لذا واصل زوج العملات حركته الصعودية.
يحدث الاختراق السعري أحياناً حتى في ظل غياب أي أخبار أو تغييرات ملحوظة في توجهات السوق. ربما يعزى ذلك إلى تغير في توجهات أحد اللاعبين الكبار أو مجموعة من كبار المتداولين ممن يمتلكون صفقات كبيرة وبالتالي يبدؤون في تصفية مراكزهم الأمر الذي يؤدي إلى إحداث حركة قوية في السوق قد لا نكتشف مصدرها إلا بعد مرور فترة طويلة. وفي بعض الحالات تعزى هذه التحركات إلى رغبة بعض المتداولين الكبار في الشراء ولكن بعد دفع السعر إلى مستوى أقل وأكثر ملائمة، أو رغبتهم في البيع وبالتالي دفع السعر إلى مستوى أعلى لتعظيم المكاسب. إذا حاولت الربط بين العوامل الأساسية والاختراق الفني على الرسم البياني وفشلت في إيجاد أي أسباب منطقية للربط بينهما، عندها يجب أن تقرر ما إذا كنت ستحترم وجهة نظرك بخصوص العوامل الأساسية أم ستثق أكثر في المعلومات الظاهرة على الرسم البياني. يعود اتخاذ قرار بهذا الشأن إليك وحدك، ولكن بشكل عام يلجأ معظم المتداولين في هذه الحالة إلى اللحاق بصفقة الاختراق السعري مع تفضيل الخروج سريعاً بمجرد ظهور بوادر على تلاشي الزخم. الانتظار حتى تأكيد الاختراق السعري قد يعني خسارة فرصة رائعة لتحقيق الأرباح خصوصاً وأن معظم المكاسب تأتي في المراحل المبكرة من حركة السعر اللاحقة على الاختراق.
تأكيد الاختراق السعري قد يكون أمرًا محيرًا في كثير من الأحيان. يرى بعض المحللين أن الاختراق سيكون صحيحًا إذا حققت الحركة اللاحقة حد أدنى من التغير بالنسبة المئوية، مثل 20%. نعتقد أن هذه القاعدة غير صحيحة، لأن الاختراق قد يكون صالحًا عند حدوث تغير بنسبة10% وغير صالحًا في حالات أخرى حتى إذا بلغت النسبة 40%. إحدى القواعد التي يمكن اتباعها لتأكيد جدية الاختراق هو وصول السعر إلى القمة أو القاع السابق وتجاوزهما. يُظهر مخطط USD/CNY أدناه كسرًا صعوديًا أعلى خط المقاومة الأحمر، إلا أن السعر يتراجع لاحقًا ليسجل إغلاق أعلى (الخط العلوي باللون الذهبي). تعد تلك إشارة تقليدية على فشل الاختراق الصعودي، ولكن في الممارسة العملية لا يمكننا التأكد من حدوث ذلك حتى الإغلاق أسفل القاع السابق على الكسر (الخط السفلي التالي باللون الذهبي).
إذا كنت أحد الوافدين الجدد إلى عالم التحليل الفني فقد تصادف العديد من حالات الفشل عند التداول على أساس الاختراقات السعرية بسبب طبيعتها المعقدة. من الوارد أن يتلاشى زخم الاختراق سريعاً حين يحفزه مصدر مؤقت مثل إغلاق صفقة كبيرة لجني الأرباح قبل أن يتلاشى أثرها سريعاً ويستأنف السعر اتجاهه الأصلي. تسير الاختراقات السعرية أيضاً جنباً إلى جنب مع الارتدادات ولهذا يجب أن تكون على دراية كاملة بكلا المفهومين.
