تداول الدايفرجنس
ظل مفهوم الاختلاف الحركي (الدايفرجنس) سائداً على مدى عقود طويلة كأحد الأدوات المستخدمة في التداول قبل أن يذيع صيته في السنوات الأخيرة على يد جيرالد أبيل، وهو مخترع مؤشر تقارب وتباعد خطوط المتوسط المتحرك (الماكد). أصبح التداول المعتمد على مفهوم الدايفرجنس أحد المواضيع التي يتزايد الحديث عنها خلال السنوات الأخيرة باعتباره مؤشر قائم بذاته أو على الأقل قريب من هذا المعنى.
لاحظ أننا في سوق الفوركس نتحدث عن اختلاف حركي بين قيم السعر ومؤشرات الزخم، وليس الاختلاف بين السعر وحجم التداول، أو اختلاف سعر إحدى العملات عن عملة أخرى أو اختلاف السعر عن سعر أصل مختلف. كافة هذه المفاهيم الثلاثة تشكل ما يطلق عليه "تداول الاختلاف الحركي أو الدايفرجنس". في أسواق الأسهم يعتبر التباين بين مؤشرات الحجم والسعر إحدى الأدوات المفيدة للغاية. عندما يسجل السعر قمة جديدة ولكن وسط أحجام تداول محدودة أو متناقصة فإن تلك إشارة على ضعف موجة الارتفاع. ولكن لسوء الحظ لا نمتلك في سوق الفوركس الفورية مؤشرات أو إحصائيات موثوقة عن أحجام التداول.
الفكرة الأساسية في تداول الدايفرجنس بالطريقة التقليدية هو أن الزخم يقود السعر. عندما يعكس مؤشر الزخم اتجاهه عندها نتوقع أن يحذو السعر نفس الحذو لاحقاً. إذا كانت الأسعار ترتفع بينما يبدأ الزخم في التناقص عندها نكون بصدد دايفرجنس هبوطي. بينما يظهر الدايفرجنس الصعودي عندما تتراجع الأسعار في الوقت الذي يبدأ فيه الزخم في الارتفاع. كلما زادت مساحة الاختلاف بين الزخم وحركة السعر كلما زادت قوة انعكاس الاتجاه في نهاية المطاف. ظهور الدايفرجنس على مدى ساعات قليلة قد لا يعني الكثير بينما استمرار التباين بين حركة السعر ومؤشر الزخم لعدة أيام أو أسابيع يعطي دلالات أكثر موثوقية. إذا كنت تدخل صفقة جديدة بناء على الزخم وفي عكس اتجاه حركة السعر فأنت في هذه الحالة تأخذ مخاطرة أكبر والتي ستتزايد كلما قلت فترة الإطار الزمني الذي تتداول عليه.
أنظر على الرسم البياني لزوج USD/JPY. يشير خط السعر الأزرق إلى خط الانحدار الخطي، فيما يربط الخط الأحمر في النافذة السفلية بين سلسلة قمم مؤشر الزخم. هذا تصوير بسيط للتباين (الدايفرجنس) بين حركة السعر والزخم، وهي إشارة على أن الحركة الصعودية ربما تقترب من نهايتها. يمكنك استخدام أي عدد من المؤشرات عند البحث عن التباين، بما في ذلك الماكد، مؤشر القوة النسبية و مذبذب ستوكاستيك. يعتبر مؤشر ستوكاستيك من بين المؤشرات الأكثر استخدامًا في الفوركس لأنه يعمل بشكل أفضل على الأُطر الزمنية الأصغر مقارنةً بالماكد.
هل تعلم؟وفقًا لإحدى استطلاعات الرأي التي أجريناها وشارك فيها ما يقرب من 1,000 متداول، فإن مؤشر القوة النسبية (RSI) فاز بلقب أفضل مؤشر لتداول الدايفرجنس.
انظر الرسم البياني أدناه كمثال آخر. لاحظ أن الاستوكاستيك يسبق "موجات" الحركة/التصحيح المعتادة مع أي اتجاه. الأمر متروك لك إذا كنت ترغب في رؤية متوالية فيبوناتشي في هذه الموجات. تذكر أن متذبذب الاستوكاستيك قد يظهر زوج العملات في حالة ذروة الشراء أو ذروة البيع في الوقت الذي يتحرك فيه السعر ضمن اتجاه قوي على مدار فترة طويلة. ولهذا لا تنسى أن الانعكاسات الاتجاهية لمؤشر الاستوكاستيك ليست بالمؤشر الذي يمكن الاعتماد عليه خلال الاتجاهات التي تمتد لفترات طويلة.
تقدم الصورة التالية عاملًا جديدًا - انحدار الخطوط التي تربط مجموعة من القمم أو القيعان. يمكنك تقدير ميل حركة السعر من خلال رسم خط يربط بين القمم والقيعان، كما هو موضح في الرسم البياني أدناه، أو باستخدام خطوط الانحدار الخطي، كما يظهر في الشكل التوضيحي أعلاه. لا يهم حقًا نوع الخط الذي تستخدمه لأن ما تبحث عنه في حقيقة الأمر هو انحدار قوي مقترن بانحدار في الاتجاه المعاكس، ولكن بزخم أقل. كما ترى أدناه، تحتوي المجموعة اليسرى على مؤشر ستوكاستيك أفقي وسعر ينحدر إلى أعلى، فيما يبدو التباين على الجانب الأيمن متساوي تقريبًا بنفس الدرجة. ماذا يعني ذلك؟ يعني أنه لم يكن هناك في البداية أي تباين (دايفرجنس) وبالتالي كان يتعين عليك البحث عن الاتجاه في مكان آخر. ومنذ الآن، تظهر حركة السعر وكأن القمة الأخيرة قد تحولت إلى قمة "مدببة"، بالتالي قد يعكس السعر اتجاهه هبوطًا أو على الأقل يتحرك في مسار عرضي، وعندها من المتوقع أن يؤكد ميل المؤشر على الاتجاه الهبوطي الجديد وما الذي ينوي القيام به. .
في واقع الأمر، يشير الانحدار الأفقي لخط المؤشر إلى عودة الزخم إلى الصفر. وبما أن الزخم مؤشر رائد، فمن المفترض أن تكون تلك أخبار إيجابية رغم أنها قد تكون غامضة أحيانًا. أنظر إلى زوج EUR/USD على إطار اليومي أدناه. يتراجع السعر بالتوازي مع تسجيل سلسلة من القمم المتناقصة، فيما يتحرك الماكد في مسار عرضي. التحرك العرضي في مقابل القمم المتناقصة لا يزال يعكس شكلًا من أشكال التباين لأن الماكد العرضي يشير إلى توقف انخفاض مؤشر الزخم. صحيح أنه لا يرتفع، ولكن إذا كنت من محبي المخاطرة فإن الدخول في مركز شرائي قد لا يكون فكرة سيئة بالنسبة لك. في واقع الأمر، بدأ الماكد في الارتفاع بالتزامن مع بدء السعر هو الآخر في تشكيل قمم متصاعدة.
يشترط بعض المحللين رؤية ثلاثة قمم سعرية في مقابل ثلاثة قيعان يسجلها المؤشر، أو العكس، وهو ما يطلق عليه "صفقة الدايفرجنس 1-2-3". كما يتحدث البعض الأخر عن أنواع متعددة من الدايفرجنس، مثل ما يطلقون عليه الدايفرجنس "الخفي" فضلاً عن بعض التوصيفات والمصطلحات المشابهة. لا داعي للحيرة فجميع هذه التنويعات ليست سوى أسماء تستخدم للإشارة إلى نفس المفهوم الأساسي للاختلاف الحركي بين الاتجاهات التي يسلكها السعر ومؤشرات الزخم.
ولكن على الجانب الآخر، يجب أن تقلق حقاً من الدخول في صفقات دايفرجنس دون الحصول على تأكيد من مؤشرات أخرى أو من العوامل الأساسية .