النتائج الشائعة

$ £ ¥
¥ £ $
أسواق الفوركس البديلة
0 / 4

تداول الفوركس باستخدام العقود المستقبلية

‏ قد يُشكّل هذا مفاجأة للكثيرين، لكن العقود ‏‏المستقبلية كانت الوسيلة الوحيدة لتداول الفوركس ‏‏بالنسبة للمتداول الفردي حتى عام 1996، حين أدّى ‏‏تطور الحواسيب الشخصية والإنترنت إلى ظهور ‏‏شركات الوساطة بالتجزئة والتي بدأت في إتاحة ‏‏عقود التداول الفوريّة. أول من اقترح عقود ‏‏الفوركس المستقبلية في عام 1971 هو عالم ‏‏الاقتصاد في جامعة شيكاغو ميلتون فريدمان والذي ‏‏كان من أشد المناصرين لتحرير أسعار صرف ‏‏العملات.‏ بعد أن تمّ تعويم الدولار عام 1973، تحدث فريدمان ‏‏إلى رئيس بورصة شيكاغو ‏التجارية, ليو ميلاميد فقام ميلاميد ‏‏بتعيينه كمستشار لتصميم السوق الجديدة لتداول ‏‏عقود الفوركس المستقبلية. جدير بالذكر أن السيرة ‏‏الذاتية لميلاميد الهروب إلى المستقبلممتعة ‏جداً ‏في قراءتها. ‏

‏ كيف وجد التداول الفوري بالتجزئة موطئ ‏قدم؟ ‏

‏ ‏

‏ قبل أن نخوض في تفاصيل آلية عمل عقود ‏الفوركس المستقبلية، يجب أن نسأل أولاً كيف ‏تمكنت شركات الوساطة بالتجزئة من انتهاز ‏الفرصة والظهور في سوق يزيد عمرها عن 25 ‏عاماً. ‏

قد تكون الإجابة صادمة بعض الشيء، حيث كان ‏السبب الرئيسي هو أن بورصة شيكاغو كانت غافلة ‏عن مواكبة مستجدات الواقع. قدمت شركات ‏الوساطة بالتجزئة الجديدة شعارات مثيرة - تداول ‏مع العمالقة - فضلاً عن ميزة يحتاجها المتداولون ‏للغاية وهي صغر أحجام العقود: ‏

كان حجم العقد الذي توفره بورصة شيكاغو ‏‏100,000 وحدة من العملة الأجنبية (62.000 لعقد ‏الجنيه الإسترليني)، ما يشكّل قيمة نقدية ضخمة ‏نسبياً. وقد كان الهامش المبدئي لتداول هذا العقد ‏‏1500 دولار. لكن وسطاء التجزئة أدركوا الأن أن ‏المتداولين الأفراد بحاجة إلى عقد أصغر بكثير ‏وهامش مبدئي صغير أيضاً. لم تُوفّر بورصة ‏شيكاغو العقود المصغرة حتى مطلع الألفية. ‏

أيضاً، حينذاك (1996) ، كان نظام شيكاغو ‏للعقود المستقبلية يركز على الجلسة النهارية، و التي ‏تبدأ في 7.20 وتنتهي في 14.00 بالتوقيت القياسي ‏المركزي. وقد كان التداول فيما عدا هذه الجلسة في ‏سوق التبادل الإلكتروني ‏‏ ‏جلوبكس‏ محدوداً للغاية. ‏ شركات الوساطة في هذا الوقت لم تكن" تصنع ‏السوق" أو بمعنى آخر، لم توفر السيولة، واستمر ‏هذا الوضع حتى عام 1999. استطاعت شركات ‏وساطة التداول الفوري الإعلان عن إمكانية التّداول ‏على مدار السّاعة، وقد كان هذا مناسباً للكثيرين من ‏الأفراد الذين يمتلكون وظائف نهارية أو أي ‏ارتباطات أخرى. السبب الأخير الذي جعل ‏CME‏ ‏تخسر مكانتها لصالح الوسطاء الجدد هو أنّ موقعها ‏الإلكتروني كان قديماً ومعقداً، بل وفوضوياً. لم يكن ‏باستطاعتك إيجاد أيَّ معلوماتٍ كالحد الأدنى للهامش ‏مثلاً أو حتّى حجم العقود المصغّرة. لا عجب أن ‏المتداولين الأفراد قد فضلوا وسطاء التجزئة الفورية ‏على الرغم من سلبياتهم المتعددة

.

وبرغم كل هذه السلبيات، توفر العقود ‏المستقبلية مميزات جبارة مقارنة بالعقود الفورية ‏بالنسبة للمتداول الفرد. ‏

‏ نظام التسعير الموحد ‏

أولاَ، تُسعّر العقود المستقبلية استناداً لقيمتها ‏بالدولار، وقد كان هذا هو المُتعارف عليه قبل عام ‏‏1979، حين تبنّت "الجمعية الدولية لمتداولي ‏العملات الأجنبية " نظامَ التسعير الأوروبي الموحد. ‏ في العقود المستقبلية، يتم تسعير كل عملة استناداً ‏إلى قيمتها بالدولار، وبالتالي فإن قيمة النقطة (أقل ‏تغير ممكن في سعر العملة) تظل ثابتة. يصبح الأمر ‏مفيداً جداً في عمليات الحساب العقلية السريعة، حين ‏تعلم مسبقاً أن كل نقطة في الدولار الكندي أو ‏الاسترالي تساوي 10 دولارات أمريكية، وفي ‏الجنيه الإسترليني 6.25 دولار و12.5 دولار في ‏جميع الأزواج الأخرى. يمكن للجميع أن يضرب ‏قيمة النقطة في 10 أو 20 داخل رأسه. أما في ‏تداول التجزئة، تصبح هذه الحسابات معقدة بعض ‏الشيء.‏

‏ خرافة التداول المجاني

‏ ثانياً، في العقود المستقبلية أنت تعلم بدقّة تكلفة ‏عمولة فتح أو إغلاق كل عقد. تهاوت أسعار ‏العمولات من 50 دولار إلى أقل من 10 دولارات ‏في الوقت الراهن. تدّعي شركات الوساطة بالتجزئة ‏أنه لا وجود للعمولات في التداول الفوري، وهذا ‏بالتأكيد هراء محض. على سبيل المثال، إذا تداولت ‏‏500 عقد مستقبلي في السنة. وقمت بدفع 20 دولار ‏عمولة فتح وإغلاق لكل عقد، يصبح إجمالي ما ‏دفعته في العمولات 10,000 دولار. من منا لن ‏يُفكّر في توفير مبلغ كهذا.‏

‏ و مع ذلك، من الخداع أن يلمّح الوسيط إلى أن ‏عدم تقاضيه للعمولات وأن الصفقات سوف تتم ‏مجاناً. في الواقع العملي، تقوم منصات التداول ‏الفوري باحتساب هامش (سبريد) بحدود نقطة أو ‏اثنين كمصاريف لإتمام الصفقة. وحين تدفع نقطتين ‏على كل عملية تقوم بها، سينتهي بك الأمر إلى دفع ‏نفس المبلغ، أي ‏$10,000، في السنة إذا قمت ‏بإتمام 500 عملية تداول. ‏

السيولة

الميزة الأخرى التي يتم الترويج لها عند الحديث عن السوق الفورية هي ضخامة وعمق السيولة، والتي تبلغ 7.5 تريليون دولار يوميًا. برغم ذلك، دعنا نتحدث بواقعية عن مقدار السيولة التي تحتاجها بالفعل. يبلغ متوسط أحجام تداول العقود الآجلة حوالي 50 – 100 ألف عقد يوميًا، فيما يبلغ إجمالي تداول العقود الآجلة والخيارات معًا حوالي مليون عقد يوميًا. بلغ حجم الاهتمام المفتوح، أي المراكز غير المغلقة، على عقود الفوركس الآجلة في بورصة شيكاغو 2.4 مليون عقد في 19 أبريل 2024. بعبارة أخرى، يوفر سوق العقود الآجلة من الناحية العملية سيولة أكثر من كافية بالنسبة للمتداول العادي.

‏ كن واقعياً، هل تتداول مع العمالقة فعلاً ؟

‏ بالنسبة لشعار " تداول مع العمالقة"، لنتحقق ‏سوياً ما إذا كانت ادعاءات وسطاء التجزئة ستصمد ‏أمام التدقيق المتأني. أولاً: هل من سيسمح لك ‏بالنزول إلى ملاعب مؤسسات ضخمة مثل سيتي ‏بنك، جي بي مورغان تشيس، دويتشه بنك، باركليز ‏وغيرها من اللاعبين الكبار في سوق تبادل ‏العملات؟ ‏

باختصار، لا. حين يقوم سيتي بنك بعقد صفقة ‏مع دويتشه بنك، فإن حجم العقد هو 7.5 ملايين دولار ‏في أزواج اليورو/ دولار والدولار/ فرانك والدولار/ ‏ين. ‏

حجم العقد مهم للغاية. الأمر يشبه تجارة الجملة ‏تماما، فالتاجر لن يعطيك دستة من الأواني ‏البلاستيكية بنفس السعر الذي يبيع به لمتاجر وول ‏مارت والتي تطلب 12 مليون قطعة! وبالتالي فليس ‏من مصلحة سيتي بنك أن يقوم بعمل عقود مع ‏متداولين تجزئة صغار. كما أن الأمر ليس مربحاً ‏على الإطلاق. ‏

تقوم البنوك باحتساب هامش (سبريد) حين تتداول ‏مع بعضها البعض) بالإضافة إلى ما يجنونه من ‏التعاقدات المبكرة)، لذا فأنت تحتاج إلى تداولات ‏تصل قيمة كل عقد فيها إلى ملايين الدولارت على ‏أقل تقدير حتى تربح منك بما فيه الكفاية لتبرر توفير ‏غرفة تداول تكون عادةً مكلفة للغاية. ‏

على سبيل المثال، في صفقة يورو/دولار حين يكون ‏السبريد نقطة واحدة (0.0001)، يربح البنك 500 ‏دولار. قيمة نفس النقطة على عقدك الذي تبلغ قيمته ‏‏100,000 فقط هي 10 دولارات. هذا سبب رئيسي ‏يفسر تأخر سيتي بنك في عمل قسم لوساطة التجزئة ‏الفورية.‏

‏ إذاً كيف تفعلها شركات الوساطة بالتجزئة ؟ ‏

الأمر بسيط، كما ذكرنا سابقاً، فإنهم لا يعطونك فعلا ‏السعر الفوري ولكنهم يضيفون نقطة أو اثنتين أو ‏ثلاثة. لنقل مثلا أن الدولار الأسترالي يُتداول في ‏مستويات 0.7952-0.7954 في السوق الحقيقي. ‏السعر المقابل في موقع شركة الوساطة سيكون ‏‏0.7951-0.7955 وقد يتسع السبريد بنقطتين ‏إضافيتين. ‏

أو بدلا من ذلك، ربما يكون السعر على موقع شركة ‏الوساطة منخفضا عند مستويات 0.7948 – ‏‏0.7952 إذا كان يتوقع انخفاض السعر. وقد يرفع ‏السعر ليصبح 0.7954 -0.7958 إذا كان يتوقع أن ‏السعر في طريقه للإرتفاع. إن الأمر يتطلب مهارة ‏عالية للتلاعب بالأسعار بالطبع، لكن من الطبيعي أن ‏نعتقد أنهم يستهدفون أرباحا أعلى من العشر ‏دولارات المتواضعة على صفقتك. ‏

‏ بعض الأساليب الأخرى لزيادة الأرباح ‏تتضمن تجميع مجموعة من الصفقات القريبة من ‏مستوى ما لكي يتم إطلاقهم في السوق مرة واحدة ‏عند سعر أفضل إلى حد ما، أو ، إذا كان الوسيط ‏يثق في حساباته إزاء اتجاه السعرعلى المدى القصير ‏فربما لا يغير مستوى دخولك نهائيا، بعبارة أخرى، ‏سوف يبيع لك ال 10,000 دولار أسترالي التي ‏طلبتها و لكنه لن يذهب ليتمم الجانب الآخر من ‏الصفقة (شراء الأسترالي من طرف آخر). وإذا كان ‏لديك أمر وقف خسارة قريب وجاءت الرياح بما لا ‏تشتهي السفن فسوف تخرج من الصفقة بخسارة. لم ‏يضطر الوسيط لفعل أي شئ غير أنه ضمن لنفسه ‏نقطتين في بداية الصفقة.‏

حسنا، ماذا لو قمت بدفع أربع نقاط؟ إن أربع ‏نقاط تساوي 40 دولارا، وهي تمثل ضعف العمولة ‏المباشرة لمعظم وسطاء العقود المستقبلية، بل وربما ‏تدفع أكثر من ذلك. بشكل عام، كلما ابتعدت أكثر ‏عن تجار الجملة، كلما تم احتساب نقاط أكثر على ‏الأسعار التي تراها. ‏

قد تعرض بعض شركات الوساطة الفورية ‏أسعارا متطابقة مع أسعار التداول التي تراها على ‏شاشات التسعير "الاحترافية". لكن عليك أن تعي أن ‏البنوك الكبرى قد أضافت نقاط أرباحها مسبقا قبل أن ‏تعطي هذا السعر، فالبنوك الكبرى لا تعتبر وسطاء ‏التجزئة نظراء لها بل مجرد زبائن، فهم ليسوا ‏صناع سوق! وبالتالي يقوم البنك باحتساب نقاط ‏أرباحه على الأسعار قبل تزويدهم بها. ‏

إن الفرق الأساسي بين السعر الحقيقي وأسعار ‏شركات وساطة التجزئة هي أن اللاعبون في السوق ‏الحقيقية هم صناع السوق. ولكي تصبح صانع سوق ‏يجب عليك أن تكون مستعدا دائما لتوفير سعر بيع ‏وشراء للطرف الآخر. إن الأمر بهذه البساطة، ‏فحتى ولو كنت جنرال موتورز، سوني، أو آي بي ‏إم فسوف تظل تدفع أسعارا أعلى في كل تعاملاتك ‏في سوق العملات، هذا لأن البنوك التي تتعامل معها ‏تختلف عنك في أنها هي من تصنع السوق. كي ‏تصبح صانع سوق يجب عليك أن تتحمل مخاطر ‏هائلة، فعندما تعطي تسعيرا ذو اتجاهين (سعر للبيع ‏وسعر للشراء) فإنك لا تعلم على وجه اليقين أي ‏اتجاه سيختاره الطرف الآخر. فربما يبيع لك في ‏نفس اللحظة التي تود أن تبيع فيها أنت أيضا، ‏وينتهي بك الأمر بشراء شيء تنهار قيمته. لكن هكذا ‏تتم صناعة السوق، الأمر يحتاج إلى متداولين ذو ‏جرأة ومهارة بالإضافة إلى الكثير والكثير من رأس ‏المال. ‏

‏ من الضروري أن تفهم هذا الجانب من آلية ‏عمل السوق لأنه يعد الأرضية التي تبني عليها سوق ‏العقود المستقبلية ساحة تتكافئ فيها الفرص. ففي ‏العقود المستقبلية، لكل مشترٍ بائع مقابل له، لأنك إن ‏كنت تريد الشراء فهذا يحتم أن يكون هناك طرف ‏حقيقي آخر يريد البيع. قد تقوم بعض شركات ‏الوساطة بإضافة نقطة (نقطة واحدة فقط) على سعر ‏صناع السوق. لكن هذا لا يلغي الفارق الأساسي بين ‏السوق الفورية وسوق العقود المستقبلية. ففي الأخيرة ‏لا تتأثر شركات الوساطة نهائيا بنتائج الصفقات، ‏بينما في السوق الفورية يتأثر صناع السوق بنتيجة ‏أي صفقة لأنهم يقومون بالتداول أيضا، حتى ولو ‏لجزء من الثانية. شركات الوساطة بالتجزئة أيضا ‏تتأثر بنتائج الصفقات في حال أنها لم تقم بالتوفيق ‏الفوري بين كل عملية بيع وشراء.‏

‏ ‏

قد يشعر المتداول المحترف بالامتعاض إزاء ‏ادعاءات شركات الوساطة الفورية بأنه يمكن ‏للمتداول العادي أن يلعب مع الكبار في ملاعبهم. ‏الحقيقة هي أن السوق الفورية عبارة عن طبقات، ‏ومكان المتداول العادي هو القاع. إن أي متداول ‏يمتلك ذرة من الخبرة يعرف جيدا أن هذه الادعاءات ‏غير صحيحة، إنها استراتيجيات دعائية فقط. جدير ‏بالذكر أن شركات الوساطة الفورية الأمريكية يتم ‏ترخيصها من قبل هيئة تداول ‏‏السلع الآجلة، والتي تجرم الإعلانات التي ‏تعرض مبالغات دعائية. لكن من الواضح أن هذه ‏الهيئة لا تبدي أي امتعاض تجاه الشركات التي ‏تدعي إمكانية التداول مع اللاعبين الكبار. ‏

تكاليف التبييت (الاحتفاظ بصفقة مفتوحة) ‏

إذا افترضنا جدلا أن ادعائات الوسطاء ‏بخصوص " اللعب مع المحترفين" و التمتع بسيولة ‏لانهائية هي مجرد مبالغات لا ضرر منها. سيظل ‏لدى المتداول المحترف تحفظات عدة فيما يخص ‏الادعائات المتعلقة بسهولة تداول الفوركس وسهولة ‏صنع الأرباح، بفضل ‏الرافعة ‏المالية‏. السيد ميلاميد أخبرنا في إحدى ‏المقابلات أنه من الخطأ أخلاقيا وعمليا ادعاء أن ‏تجارة الفوركس ستجعل منك شخصا ثريا أو أن ‏الربح سيكون سهل المنال. ‏

‏ ‏

العاملون بمجال العقود المستقبلية لن يكذبوا ‏عليك أبدا فيما يتعلق بسهولة التداول. هؤلاء ‏المشعوذون الذين يقيمون ندوات باهظة الثمن يبيعون ‏الهراء ولا يقومون حتى بتدريس القواعد الصحيحة ‏للتداول، وبشكل عام، فإن القول بأن التداول أمر ‏سهل هو بحد ذاته جريمة شنعاء. ‏ ‏ ‏

‏ يوافق ميلاميد على أنه في العقود المستقبلية ‏يمكنك أن تطمئن إلى أن السعر حقيقي لأن هناك ‏بائع على الجانب الآخر إذا كنت مشتري، و العكس ‏صحيح. بخلاف النقطة التي يأخذها صانعوا السوق ‏في سوق جلوبكس، فإن أضخم صناديق التحوط ‏ومتداول عادي يعمل من غرفته بصفقات صغيرة، ‏سيحصلان على نفس السعر لصفقة قوامها مليون ‏دولار. ‏

‏ ‏

يتابع ميلاميد: على الرغم من ذلك، هناك تكلفة ‏أخرى حقيقية فيما يتعلق بالتداول في السوق ‏الفورية، و هي تكاليف التبييت سيئة السمعة، و التي ‏يجب أن تحتسب و تضاف كل يوم في السوق ‏الفورية بخلاف الحال في العقود المستقبلية. فالكل ‏يحصل على نفس السعر. وهذا ليس الحال في عقود ‏السوق الفورية. ‏

‏ أما عن آلية عمل تكاليف تبييت الصفقات، ‏فإليك التفاصيل: تستغرق عملية التسليم في السوق ‏الفورية يومي عمل. فعندما تشتري يوم الإثنين، ‏سيتوجب عليك أن تقوم بالدفع بعملة ما وأن تستقبل ‏الأموال بالعملة الأخرى يوم الأربعاء، هذا إن كنت ‏قد قررت تسلم الأموال فعلا. أما إن قررت أن تبقي ‏الصفقة مفتوحة لأيام أخرى فسوف تدفع في مقابل ‏ذلك. والأسعار ليست موحدة عالميا، بل يستطيع كل ‏وسيط أن يضع السعر الذي يريده بكل أريحية. ‏ ‏ ‏

في المقابل، العقود المستقبلية هي عبارة عن ‏عقود تم الإتفاق على تسليمها في تاريخ محدد ‏بالمستقبل. وبشكل عام، قد تتراوح المدة من ثلاثة ‏أشهر إلى يومين من تاريخ استحقاق العقد.‏

‏ لقد تم تصميم العقود المستقبلية لمتداولي التحوط ‏ومضاربي الصفقات قصيرة الأجل، وقد أخذ بعين ‏الاعتبار أن هؤلاء المضاربون سيقومون بتزويد ‏السوق بالسيولة التي يحتاجها بشدة. ليس هناك ‏تكاليف إضافية لإبقاء الصفقة مفتوحة لأن العقود في ‏الأساس معدة للتداول على فترات زمنية كبيرة في ‏المستقبل. حين يكون عقد المستقبليات جديدا، أي ‏اكتسب صفة " الشهر المقدم" ‏front month، ‏يصبح محط اهتمام المتداولين. ويستمر كذلك لثلاثة ‏أشهر. ‏

لنقل إنك تحتفظ بمبلغ من الدولارات الأمريكية ‏واستخدمتها في شراء الدولار الأسترالي. نظريا، ‏أنت تجني فائدة على الدولار، والشخص الذي يحتفظ ‏بالأسترالي حتى تاريخ التسليم يجني أيضا فائدة على ‏الأسترالي، فإذا كانت فائدة الثلاثة شهور على ‏الدولار هي 3% والفائدة المقابلة على الأسترالي ‏هي 5%، يصبح الفرق بين الفائدتين هو 2%، وبما ‏أن صاحب الأسترالي لديه حق الاحتفاظ بالفائدة، ‏يمكنه أن يبيعك الأسترالي في عقد قوامه ثلاثة أشهر ‏بتخفيض قيمته 2% من السعر الفوري. ‏

إذا كنت من محبي المعادلات، فكر بالأمر ‏كالتالي: رأس المال مضافا إليه سعر الفائدة على ‏العملة الأولى يساوي رأس المال مضافا إليه الفائدة ‏على العملة الثانية. وبما أن معدل الفائدة والسعر ‏معطيات قائمة، فالمتغير الوحيد في المعادلة هو فرق ‏القيمة الذي يتحدد بناء على السعر الذي نحسب عنده ‏مجموع رأس المال ومعدل الفائدة. في الواقع، إن ‏عقدا آجلا في السوق الاحترافية له نفس تاريخ ‏التسليم سيشهد نفس الانخفاض بمقدار 2% عن ‏السعر الفوري. المضاربون بأسلوب المراجحة ‏Arbitrageurs ‏ يقومون على تحقيق التوازن بين ‏سوق العقود المستقبلية والعقود الآجلة. فلنفكر كيف ‏أصبح الأمر كما هو عليه الآن، لأنه إن لم يكن ‏كذلك، ستغرق الدولة ذات معدل الفائدة الأعلى ‏بالكثير من رؤوس الأموال الأجنبية، حيث يستطيع ‏المستثمرون سحب أموالهم بعد ثلاثة شهور على ‏عقد آجل، محققين معدل ربح أعلى دون التعرض ‏لمخاطر أسعار الصرف. ‏

يغطي العقد المستقبلي "تكاليف الترحيل" ‏مسبقا عن طريق التفاوت بين معدلات الفائدة. هناك ‏أربع عقود فقط يتم إغلاقها كل عام في سوق العقود ‏المستقبلية، عقود مارس ويونيو وسبتمبر وديسمبر. ‏وتحتسب تكلفة الترحيل مسبقا في الأسعار التي ‏تراها، وبذلك لن تضطر لإرهاق نفسك في إعادة ‏الحسابات إن كنت تريد أن تحتفظ بالعقد مفتوحا ليوم ‏آخر، فالتكلفة ثابتة من الأساس.‏

إذا كنت تشتري عملة ما بسعر فائدة مرتفع، ‏فإن سعر العقد المستقبلي سيكون منخفضا، أما إن ‏كنت تشتري عملة بمعدل فائدة منخفض، فأنت من ‏تجني فائدة أعلى. وبالتالي فإن العملة الأخرى تباع ‏بسعر أعلى من السعر الفوري. الآن لننتقل إلى ‏السوق الفورية، حين تقوم بفتح عقد يوم الإثنين لكنك ‏لا تغلقه في نفس اليوم، بل ترحله إلى يوم الثلاثاء. ‏يتوجب عليك إذن أن تدفع - أو تكسب - قيمة يوم ‏واحد من فرق معدلات الفائدة. الأمر يبدو سهلا جدا، ‏طبق قاعدة فرق معدلات الفائدة لليوم الواحد. ‏ ومع ذلك، ليس الأمر بالسهولة التي تتخيلها، فالسوق ‏النقدي أو سوق الإقراض لأجل ليلة واحدة هي إحدى ‏تلك الأسواق الاحترافية المتاحة لصناع السوق ‏بالأسعار التي تراها منشورة في الجريدة اليومية، ‏كسعر فائدة الاحتياطي الفيدرالي. إن الوكلاء ‏الرئيسيين (الذين يشترون من الحكومة مباشرة) غير ‏مهتمين بتوفير ما قيمته 100,000 دولار من ‏الاحتياطي الفيدرالي لكي تتم صفقتك. بدلا من ذلك، ‏فالسعر المتاح للوسيط الذي يعمل نيابة عنك قد تمت ‏زيادته بمعدل فائدة الاحتياطي الفيدرالي، أو هو ‏سعر فائدة أسبوعي، أو أي سعر فائدة آخر. ‏

أنت لا تعلم ما هو سعر الاقتراض، كما لا ‏يمكنك استنتاجه من من بيانات الأسعار المنشورة، ‏لأن كل دائن أو مدين في أسواق المال يحصل على ‏سعر مرتبط بشكل وثيق بالتقييم الائتماني لشركة ‏الوساطة عند البنك. ولتعقيد الأمور أكثر، فإن معدل ‏اليوم الواحد ليس ببساطة 1/7 من معدل الأسبوع أو ‏‏1/30 من معدل الشهر، بل في معظم الأحوال فإن ‏سعر الإقراض لأجل ليلة واحدة يكون أكبر بكثير ‏من سعر الأسبوع الواحد أو الشهر الواحد، وهذا ‏مقصود للتنفير من المضاربة على أسعار الصرف. ‏وهناك عدد من البنوك المركزية كالبنك السويسري ‏المركزي ‏على سبيل المثال يحافظ على فوائد ‏الإقراض ضمن هذا الهيكل أو يفرضها في أوقات ‏أضطراب سوق الفوركس. لقد شهد عام 1999 ‏انهيار أحد صناديق التحوط لأن بنك اليونان قام فجأة ‏بفرض سعر فائدة قصير الأمد يبلغ 400%. قد يبدو ‏الأمر نادر الحدوث، لكنه يحدث على أية حال. ‏

إذن، كيف تعرف ما إذا كانت تكاليف تبييت ‏صفقاتك عادلة و حقيقية؟ ببساطة لا يمكنك أن ‏تعرف على وجه اليقين. ربما تكون عادلة وحقيقية ‏وربما لا، المشكلة هي أن هذه الحسابات لا تتاح ‏عادة للمتداول العادي، على عكس سوق العقود ‏المستقبلية، حيث يحصل الجميع على نفس التخفيض ‏أو الزيادة التي نعلم جيدا أنها عادلة وحقيقية لأن ‏المراجحة على معدلات الفائدة موجودة بالفعل في ‏سوق العقود الآجلة و السوق الفورية لتحافظ على ‏أسعار المستقبليات في توازن تام مع أسعار العملات ‏و معدلات الفائدة. ‏

‏ و هذا يقودنا إلى نقطة أخيرة، في حال وقوع ‏أزمة ما في إحدى العملات نتيجة قيام البنك ‏المركزي بفرض معدلات فائدة قصير الأمد بشكل ‏جائر، سيواجه المتداول الصغير أزمة كبيرة نتيجة ‏تكاليف التبييت الضخمة وسيوضع أمام خيارين، إما ‏أن يسدد هذه التكاليف أو يفقد صفقته بالكامل.‏

أما متداول العقود المستقبلية سوف يرى آثار الأزمة ‏فقط في قيمة العقد، ولكنه لن يتحمل أي تكاليف ‏إضافية. سواء كنا في وضع متأزم أم لا، فالعقود ‏المستقبلية هي أكثر الأوراق المالية شفافية بالنسبة ‏للمتداول الذي ينوي الاحتفاظ بالمركز لفترات ‏تتخطى تاريخ فتح العقد.‏

‏ ‏

نقطتين أخيرتين ‏

في العقود المستقبلية، جميع مزودي البيانات و ‏الوسطاء لديهم نفس اسعار الإفتتاح و الإغلاق و ‏أعلى سعر و أقل سعر، ونفس أسعار البيع و الشراء ‏على مدار اليوم. فضلا عن ذلك، معظم مزودي ‏البيانات وشركات الوساطة تعرض شيئا يدعى ‏‏"الوقت والمبيعات" وهو عبارة عن قائمة تشمل كل ‏العقود التي فتحت في سوق المستقبليات دقيقة بدقيقة، ‏بالإضافة إلى كل العقود التي انتقلت ملكيتها ‏والأسعار التي تمت بها هذه الانتقالات. وهذا مفيد ‏للغاية ليس فقط في التحليل الفني ولكن أيضا للتحقق ‏من أن الوسيط الذي تتعامل معه لم يقم بخداعك فيما ‏يتعلق بأوامر وقف الخسارة أو جني الأرباح. على ‏سبيل المثال، لنقل أنك وضعت أمر وقف خسارة ‏على بعد 30 نقطة من مستوى دخولك، لكن وسيطك ‏يدّعي أنه قد تم تفعيل أمر وقف الخسارة عند 40 ‏نقطة، حينها يمكنك الاستعانة بجدول " الوقت ‏والمبيعات" للتحقق من حدوث فجوة سعرية أثناء ‏اليوم أدت إلى إغلاق المركز بعيدا عن أمر وقف ‏الخسارة. وإذا لم تجد فجوة سعرية، يمكنك حينها أن ‏تتحدث مع الوسيط وأنت تقف على أرض صلبة. ‏وإذا لم يذعن الوسيط، يمكنك حينها أن تقدم شكوى ‏إلى الرابطة الوطنية للعقود الآجلة. عملياً، يمكنك أن ‏تشتكي الوسيط الفوري أيضا إلى ‏CFTC، لكنك لن ‏تجد الأدلة الكافية لإدانته كالتي حصلت عليها من ‏جدول "الوقت والمبيعات". ‏

و ختاما، كل العقود المستقبلية مضمونة من قبل ‏البورصة. أما إذا كنت تتعامل مع وسيط فوري، ‏فليس لديك أي ضمانات سوى رأسمال شركة ‏الوساطة. على نحو مقابل في سوق المستقبليات، كل ‏التداولات مضمونة. فحتى لو انهار وسيطك فإن ‏البورصة سوف تتدخل لتعويض المتداولين. ‏ حينما انهارت ‏شركة ‏REFCO‏ عام 2005‏ تحولت حسابات ‏التداول على العقود المستقبلية إلى وسيط آخر ‏واحتفظت بكامل هوامشها وكانت عقودهم المفتوحة ‏آمنة تماما، لكن حسابات متداولي الفوركس الفوريين ‏خسرت كل شيء. ‏

إذا كانت سوق العقود المستقبلية متفوقة بهذا ‏الشكل على نظيرتها الفورية، فلماذا تتضائل إذن؟ ‏ مجددا، سهولة بدء التداول والرافعة المالية وكذلك ‏رأس المال المبدئي، كلها عوامل تتوافر بشكل ‏أفضل في سوق الفوركس عنها في سوق العقود ‏المستقبلية. ‏


اختبار

تم اختراع سوق العقود المستقبلية منذ وقت قريب ولهذا ‏يعتبر السوق الفوري هو السوق الحقيقية.‏

لا توجد تكاليف للمعاملات في السوق الفوري بينما ‏يفرض سوق العقود المستقبلية رسوم مرتفعة.‏

تنطوي أسعار العقود المستقبلية على عامل التكلفة ‏المرتبط بتجارة الكاري تريد.‏

تكون تكاليف تجارة الكاري تريد أكثر وضوحاً في سوق ‏الفوركس الفورية. ‏

تقدم البورصة ضمان لجميع الصفقات في سوق العقود ‏المستقبلية، وبالتالي لن تخسر أموالك حتى إذا أفلست شركة ‏الوساطة. ‏

نتائج:
0 / 5
المزيد من الدروس
تداول الفوركس باستخدام العقود المستقبلية
تداول الفوركس باستخدام خيارات الفانيلا
تداول الفوركس عبر الخيارات الثنائية
متداولي الفوركس من الأفراد مقابل المتداولين في بنوك الاستثمار