تصنيف الأسواق
يتعين على المتداول التعرف على المناخ السائد في السوق قبل الدخول في أي صفقة تداول. نطلق على هذه العملية مسمى تصنيف السوق، والتي تعني تقييم ما إذا كانت الحركات التي نشاهدها تندرج تحت وصف الاتجاهية، العرضية، الساكنة، العشوائية، أو المتذبذبة.
ما هو الطريق الذي تسلكه الرياح؟
تعتبر الأسواق الاتجاهية و الأسواق العرضية هي أسهل أنواع الأسواق التي يمكن تحديدها والتعرف عليها بوضوح. يمكن توصيف السوق ما إذا كان اتجاهياً أم عرضياً بمنتهى البساطة وبطريقة بديهية تماماً. على سبيل المثال، إذا لاحظ المتداول أن زوج USD/JPY يتحرك صعوداً بـ 50 نقطة في كل يوم (على سبيل المثال من 103.00 إلى 103.50 ثم إلى 104)، عندها يمكن بسهولة الادعاء بأن الزوج يتحرك ضمن ترند صعودي. وبالمثل، إذا ظل زوج USD/JPY يتحرك في النطاق 101 – 105 لعدة أشهر متتالية يمكن عندها القول أننا بصدد سوق عرضية. تتحرك الأسواق ضمن اتجاه أو نطاق عرضي في 90% من الوقت، بل وربما 95%، وقد يدعي البعض أن الرقم الحقيقي أعلى أو أقل من ذلك بقليل. يسهل على المتداولين الأفراد والمستثمرين بشكل عام تحقيق أرباح بشكل أسهل في هذه النوعية من الأسواق.
برغم ذلك يلجأ المتداولون إلى استخدام بعض مؤشرات الزخم لتأكيد حدسهم الشخصي بشأن ما إذا كان السوق اتجاهي أم عرضي. من أمثلة هذه المؤشرات مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية (ADX) ، البولينجر باند ، مؤشر القوة النسبية (RSI) والماكد، وهي المؤشرات التي سبق تناولها في دروس سابقة.
إذا كان مؤشر ADX، والذي يقيس قوة الاتجاه، يتداول عند المستوى 30 أو أعلى فإن هذا يشير إلى أن زوج العملات يتحرك ضمن اتجاه معين (قد يكون صاعد أو هابط). أما إذا تواجد ADX أعلى المستوى 40 فإن هذا يشير إلى وجود اتجاه قوي للغاية. إذا انخفض المؤشر إلى ما دون المستوى 10، فإن تلك إشارة على أن زوج العملات يتحرك ضمن نطاق عرضي. وبالمثل، إذا كان مؤشر RSI أو الماكد يتحرك ضمن مسار صعودي فهذا يشير إلى أننا بصدد اتجاه صاعد. اتساع نطاق مؤشر البولينجر باند يشير أيضاً إلى سوق اتجاهية فيما يعطي تقلص الفارق بين خطوط البولينجر باند إشارة إلى اتجاه السعر صوب سوق عرضية. انظر إلى الرسم البياني أدناه. لست بحاجة إلى مؤشر فني للتأكد من أن زوج العملات يتحرك ضمن مسار اتجاهي وبطريقة مرتبة.
على النقيض من ذلك، يظهر الرسم البياني أدناه سوق عرضية حيث تضع الخطوط الأفقية حدود لنطاق الحركة.
يشعر متداولي العملات بحنق شديد تجاه الأسواق الساكنة حيث يجدون صعوبة بالغة في تحقيق أي أرباح في مثل هذه البيئة الراكدة. تتحرك العملات في هذا النوع من الأسواق ضمن نطاق ضيق للغاية على الرسم البياني وهي تظهر عادةً خلال العطلات أو مواسم الإجازات وأحياناً خلال الأيام الأخيرة من السنة حيث يكون المتداولون وصناديق الاستثمار قد انتهوا من جني أرباح العام ولا يرغبون في وضع أي صفقات جديدة من شأنها أن تؤثر على مراكزهم المستقرة. يرجى النظر على الرسم البياني أدناه. قمنا برسم قناة انحدار خطي للتأكيد على أن هذا القسم من الرسم البياني لا يتضمن أي درجة من اتجاهية الحركة وهو ما يظهر من الفارق الضئيل للغاية بين القمة والقاع.
في بعض الأحيان قد تصدر أخبار هامة بشكل مفاجئ، أو تعلن إحدى البنوك المركزية الكبرى عن قرار غير متوقع وهو ما يؤدي إلى حركة حادة في السوق في أي من الاتجاهين. في أعقاب ذلك مباشرة يفضل المتداولون عادةً الامتناع عن الشراء أو البيع عند المستويات الحالية حيث يرون أنه من الأفضل الانتظار حتى تهدأ الأسواق قبل بدء التداول مجدداً. قد يستغرق هذا الأمر بضعة أيام وقد يصل إلى شهر (مثل مؤشرات التوظيف)، وبالتالي قد تظهر الأسواق الساكنة أو محدودة الحركة حتى في مثل هذه الظروف. تعمل تجارة الكاري تريد عادةً بشكل أفضل في هذه البيئة لأنها تتيح للمتداول الاستفادة من الفروق في أسعار الفائدة بشكل يومي وبالتالي تحقيق أرباح دون التخوف من تأثير التقلبات في أسعار صرف العملات.
قد تظهر الأسواق العشوائية في سياق حركة اتجاهية إلا أنها تأخذ المتداولون عادةً على حين غرة. على سبيل المثال، قد يتحرك زوج EUR/USD في اتجاه صعودي فيما ترجح كافة مؤشرات الزخم وصول الزوج إلى مستوى محدد، على سبيل المثال 1.4000، ولكن تشير الحسابات الفنية أيضاَ إلى وجود عدد من نقاط المقاومة التي قد توقف الحركة الصعودية عند هذا المستوى. يفترض المتداولون بناءً على ذلك أن الاتجاه سيفقد زخمه أو يتخذ منحنى عرضي على الأقل على حدود المستوى 1.4000. ولكن قد يحدث أن تصدر أخبار غير متوقعة تدفع باليورو إلى الكسر بشكل حاسم أعلى 1.4000 ومواصلة الصعود حتى الوصول إلى 1.4200.
هناك حالات أخرى يصادف فيها زوج الفوركس ما يطلق عليه الانعكاس اليومي الرئيسي ، والذي يظهر عندما يعكس الزوج وجهته خلال اليوم. على سبيل المثال، قد يكسر زوج العملات أعلى قمة اليوم السابق ما يرجح السير في ركاب ترند صعودي، ولكن نفاجئ بعد فترة بانعكاس حاد يدفع السعر للإغلاق دون قاع اليوم السابق ما يقلب الأوضاع رأساً على عقب ويزيد من حظوظ تشكيل ترند هابط.
انظر الرسم البياني أدناه، والذي يظهر حركة عشوائية بدأت بفجوة افتتاحية، والتي تظهر عادةً في بعض الأوراق المالية (مثل مؤشر CRB والذهب) ولكنها نادرة للغاية في أسواق الفوركس.
تحدث المفاجآت غير المحسوبة (العناوين الإخبارية، البيانات غير المتوقعة، قرارات البنوك المركزية المفاجئة، أوامر التداول الكبيرة) من وقت إلى آخر وقد تتسبب في كسر زوج العملات لخطوط الدعم/المقاومة الرئيسية ( نقاط مقاومة فيبوناتشي ، المتوسطات المتحركة 55، 100 أو 200 يوم، الخ) ما يؤدي ببعض اللاعبين في السوق، خصوصاً صناديق الاستثمار الكبرى، إلى دخول السوق لتعديل مراكزهم أو الدخول في صفقات جديدة تعكس الاتجاه الحالي.
تتسم الأسواق المتقلبة بأنها نادرة الظهور وتحركها في الغالب أحداث صادمة. من أمثلة هذه الأحداث اغتيال أو محاولة اغتيال رئيس إحدى الدول (مثل محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي رونالد ريغان في عام 1981)، هجمات سبتمبر في 2001 ، زلزال وتسونامي اليابان في مارس 2011 . أحد أبرز الأمثلة أيضاً على الأسواق المتقلبة هو ما حدث مع بدايات الأزمة المالية الأمريكية في نهاية 2008 وبداية 2009 حيث حدث انخفاض حاد في قيمة العديد من الأصول بسبب اندفاع البنوك والشركات إلى بيع مراكزها الرابحة على جميع فئات الأصول لتعويض الخسائر التي تكبدتها في منتجات الرهون العقارية. وكما يقول المثل الشائع فإن عدم امتلاك أي مراكز تداول هو الخيار الأفضل في الأسواق المتقلبة.
انظر إلى الرسم البياني أدناه والذي يظهر تقلبات حادة في زوج العملات يعكسها بوضوح النطاق الواسع الذي يفصل بين القمم والقيعان خلال تلك الفترة.
هل تعلم؟ برغم أن معظم العملات لا تمر في أغلب الأحيان باتجاهات دورية إلا أن تدفقات الاستثمار قد تتجه في بعض الأحيان لصالح عملة معينة أو تعمل في غير صالح عملة أخرى ولو بشكل غير مقصود. على سبيل المثال، تنتهي السنة المالية في اليابان في 31 مارس وخلال السنوات الماضية كان الين يشهد ارتفاع نتيجة عمليات إعادة أرباح الشركات اليابانية في الخارج إلى أرض الوطن قبيل نهاية السنة المالية. ولكن مع تطبيق المعايير المحاسبية الحديثة تقلصت مثل هذه التدفقات ولم يعد لها تأثير يذكر على السوق الفورية. أحد الأمثلة الأخرى هو الإعانات الزراعية التي كان الاتحاد الأوروبي يدفعها للمزارعين في المملكة المتحدة، عادةً خلال فصل الخريف، وكانت تؤثر بدورها على سعر صرف اليورو مقابل الباوند البريطاني (EUR/GBP).