كيف تتحقق الأرباح في الفوركس؟
تتحقق الأرباح من تداول الفوركس إما عن طريق ارتفاع سعر العملة المشتراة أو انخفاض سعر العملة المباعة. في الممارسة العملية، لا يهم كثيراً ما إذا كنت تشتري EUR/USD لأنك تعتقد بأن البيانات الاقتصادية القادمة ستصب في مصلحة اليورو، أو تبيع الدولار الأمريكي مع استخدام اليورو كأداة للاستفادة من توقعاتك بأن التطورات القادمة ستصب في غير صالح العملة الأمريكية. يمكنك اختيار اليورو كوسيط أو أداة في هذه العملية بسبب سيولته المرتفعة، خصوصاً وأنه بمقدورك استخدام عملات أخرى للتعبير عن وجهة نظرك السلبية تجاه الدولار الأمريكي، مثل شراء NZD/USD، على سبيل المثال، والذي يعني بحكم التعريف بيع الدولار الأمريكي.
تجارة الفوركس هي لعبة صفرية يفوز فيها أحد الطرفين ويخسر الطرف الآخر. إذا اشتريت زوج AUD/USD عند سعر 0.8500 ثم قررت بيعه عند 0.8700، عندها تكون قد حققت ربح قدره 200 نقطة. أما الشخص الذي باع الزوج عند 0.8500 فإنه في هذه الحالة خسر فرصة ربح هذه الـ 200 نقطة. هذا البائع على الأرجح ليس سعيداً الآن لأنه حتى لو كان قد اشترى الدولار الأسترالي عند 0.8300 وحقق ربح فعلي بـ 200 نقطة، إلا انه لا يمكن تجاهل حقيقة أن قرار الاحتفاظ بمركز التداول كان سيعطيه ربح إضافي بـ 200 نقطة، أي المكسب الذي حصلت أنت عليه.
يمكننا أيضاً ملاحظة أن البائع ربما كان بصدد إغلاق مركز تحوط. دعنا نفترض أن هذا المتداول التحوطي كان لديه دين أو صفقة بيع على أصل مقوم باليورو واضطر لشراء اليورو للتحوط مقابل مخاطر العملات المتصلة بصفقته على الأصل الآخر. إذا ارتفعت قيمة الأصل (أي تكبد خسارة في صفقة البيع)، ولكن انخفض سعر اليورو، عندها سيحصل المتداول على بعض الربح لتعويض خسارته من الأصل الأساسي. وبمجرد إغلاق مركز الأصل الأساسي فإنه لن يكون بحاجة لمركز العملات. في الممارسة العملية، يتم الاحتفاظ بمراكز التحوط لفترات أطول (وبكميات أكبر بكثير) من صفقات الفوركس المعتادة في سوق التجزئة، وذلك برغم أن الأصل الأساسي في حالة التحوط ربما يكون صفقة بيع أخرى قصيرة المدى على إحدى العملات، والتي ربما تشمل أيضاً إحدى مراكز الخيارات.
وبالمثل، إذا واصل الدولار الأسترالي الارتفاع بعد أن قمت ببيعه عند 0.8700، لنفترض حتى 0.8900، عندها تكون أنت الآخر قد تعرضت لما يطلق عليه - خسارة الفرصة. صحيح أنها ليست خسارة فعلية، ولكن ستظل تشعر ببعض الضيق. ولهذا السبب يحذر مدربي التداول من البكاء على اللبن المسكوب – أو خسارة الفرصة. ينصح هؤلاء دائماً بعدم التباكي على "ما كان يمكنك فعله".
إذا قررت البيع أولاً ثم الشراء مرة أخرى لاحقاً، فأنت من الناحية الفنية تمارس ما يطلق عليه بيع العملة الأولى في الزوج على المكشوف؛ بينما تشتري العملة الثانية في الزوج. لنفترض أنك قمت ببيع زوج USD/CAD عند 1.0950 ثم قمت بإعادة شراؤه لاحقاً عند 1.0900. عندها تكون قد حققت ربح بـ 50 نقطة من بيع الدولار الأمريكي وشراء الدولار الكندي. ولكن في هذه الحالة لن ينتقدك أحد لبيع الدولار الأمريكي لأن الجميع يعلم أنك ببساطة كنت تشتري الدولار الكندي بسبب توقعاتك الإيجابية تجاه الاقتصاد الكندي، وبالتالي كل ما في الأمر أنك تستخدم الدولار الأمريكي كوسيط لشراء الدولار الكندي.
يمكنك تحقيق أرباح من استراتيجيات البيع على المكشوف بنفس القدر الذي يمكنك تحقيقه من استراتيجيات الشراء، وذلك برغم أن البعض يرى أنه من الأسهل التداول في سياق اتجاه صعودي للسعر بدلاً من الرهان على الحركات الهبوطية. الوصمة التي ترتبط عموماً بعمليات البيع على المكشوف ليست موجودة في تداول الفوركس. وتلك بصفة عامة واحدة من الميزات التي يتفوق بها تداول العملات على فئات الأصول الأخرى. حيث لا يزال بإمكانك "بيع" بعض العملات وفي نفس الوقت شراء عملة أخرى دون أن يصاحب ذلك التصورات السلبية المرتبطة بعمليات البيع على المكشوف في أسواق الأسهم أو السلع. قرار بيع إحدى الأسهم على المكشوف يستند عادةً إلى اعتقادك بوجود أخبار أو مؤشرات سلبية مرتبطة بالشركة أو على الأقل أن السعر السوقي للسهم مقوم حالياً بأعلى من قيمته الحقيقية. يُنظر إلى البائعين على المكشوف باعتبارهم قوى "مدمرة" في أسواق الأسهم ولهذا يتم حظر هذه النوعية من عمليات البيع من آن لآخر أثناء فترات الأزمات، كما حدث خلال أزمة المصارف في عام 2008. كما فرضت العديد من الدول الكبرى حظر شامل على قيام البنوك بممارسة البيع على المكشوف، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ومعظم البلدان الأوروبية. في حالات كثيرة تلقى باللائمة على البائعين باعتبارهم المتسبب الرئيسي في كافة الأزمات الكبرى بدءاً من الانهيار المالي 1929 إلى الأزمة المالية في 1987 ، وذلك برغم أن مساهمة عوامل أخرى في صناعة الأزمة كانت أمر لا تخطئه العين.
فتح صفقة شراء في سوق الأسهم يعني وجود شعور بالأمل والتفاؤل بأن الظروف الاقتصادية والمالية تدعم النمو والازدهار بشكل عام، وأرباح الشركات بشكل خاص. عندما تُدار الشركات بشكل جيد، فمن الطبيعي أن ترتفع الأرباح ومعها نسبة السعر إلى حقوق الملكية. هناك تحيز واضح لجانب الشراء في مجال تداول الأسهم. لا يسير الأمر على نفس المنوال في سوق الفوركس رغم وجود تحيز مناهض للدولار الأمريكي استمر لعدة عقود بسبب عوامل هيكلية. برغم ذلك، ليس الخيار الآمن دائمًا هو بيع الدولار الأمريكي مقابل شراء عملات أخرى، حيث ترتفع العملة الخضراء في كثير من الأوقات أمام كافة المنافسين. وكقاعدة عامة، فإن أفضل طريقة لقياس معنويات السوق بشكل عام تجاه الدولار الأمريكي هو مراقبة مؤشر الدولار (USDX). على سبيل المثال، تحرك مؤشر الدولار في إطار اتجاه هابط خلال الفترة من نهاية سبتمبر 2022 وحتى بداية فبراير 2023، فيما وصل إلى أدنى قاع له في 2 فبراير 2023:
شهدنا في العديد من الحالات تحرك سعر إحدى العملات ضمن اتجاه واضح كما كان بمقدورنا تحديد الأسباب التي تدفع المتداولين إلى تفضيل (أو تجاهل) عملة معينة. الدولار الأسترالي، على سبيل المثال، استفاد لنحو 10 سنوات من ميزة عائده المرتفع في مقابل باقي عملات الاقتصادات المتقدمة. أدى ذلك إلى تحرك الدولار الأسترالي في مسار صعودي في مقابل العملات منخفضة العائد خصوصاً الين الياباني وأيضاً الدولار الأمريكي. وبرغم ذلك، فإن هذا لا يعني أن صدور بيانات سلبية حول الاقتصاد الأسترالي، أو تدخل البنك المركزي أو وزارة الخزانة للضغط على قيمة العملة المحلية، قد حال دون ظهور انخفاضات حادة ومفاجئة في سعر الدولار الأسترالي.
يتمتع الجنيه الإسترليني هو الآخر بشخصية متميزة، خصوصاً أمام الدولار الأمريكي. عندما تتحسن آفاق الاقتصاد البريطاني مقارنة بالاقتصادات الأخرى، يرتفع الإسترليني بالتبعية. ولكن سنلحظ أن متداولي لندن المتخصصين في تجارة الباوند مشهورون أيضاً بـ "إطلاق الرصاص على الإسترليني" عندما تتلبد سماء التوقعات بالغيوم الداكنة. يؤدي ذلك بالتبعية إلى تضاؤل فرص التحركات الصعودية وإفساح المجال أمام التصحيحات والاتجاهات الهبوطية.
تشير هذه الأمثلة إلى أن التغيرات المفاجئة في سوق الفوركس هي التي تجعل من التداول بالغ الصعوبة وتقود العديد من المتداولين إلى تفضيل المتاجرة على المدى القصير، أحياناً لعدة ساعات، حتى عندما يشير الاتجاه العام في سوق الفوركس إلى إمكانية الاحتفاظ بصفقات طويلة المدى.
ارتفاع سعر زوج العملات في حالة صفقة الشراء وانخفاض سعر الزوج في صفقة البيع هي الطريقة الرئيسية التي يحقق بها المتداولين الأرباح في سوق الفوركس. برغم ذلك، هناك طريقة أخرى – وهي كسب الأموال عن طريق عدم خسارتها، بمعنى الاحتفاظ بالمكاسب التي حققتها. قد تكون قادراً على تحقيق أرباح جيدة على بعض أو حتى في معظم الصفقات وتكتشف في نهاية المطاف أنك أنهيت على خسارة لا لشيء سوى لأنك تتكبد خسائر فادحة في صفقاتك الخاسرة. ولهذا السبب يعتبر وضع أوامر وقف الخسارة على مسافة تقل عن عدد نقاط الربح المستهدف، فضلاً عن الالتزام التام بأوامر الوقف المحددة، أمراً بالغ الأهمية لنجاح المتداول. هناك قاعدة أخرى تتمثل في عدم السماح أبداً للصفقة الرابحة بأن تتحول إلى الخسارة. إذا كان لديك صفقة رابحة فيما تظهر قراءة الرسم البياني أن حركة السعر على وشك الانتهاء، لا تتأخر لحظة في جني الربح والخروج من السوق. أهداف الربح ليست دائماً مقدسة – ولكن وحدها مستويات وقف الخسارة هي التي لا يجب أبداً التزحزح عنها بغض النظر عن التطورات في السوق.