أزواج العملات الرئيسية والثانوية والتقاطعية
كل دولة ذات سيادة لها عملتها الخاصة باستثناء عدد محدود من البلدان التي تستخدم عملة بلد آخر، مثل بنما والتي تستخدم الدولار الأمريكي. تصنف العملات ما بين رئيسية أو ثانوية بحسب الوضع الاقتصادي للبلد المصدر للعملة والذي يتحدد استناداً إلى عدة عوامل تتضمن من بينها:
- حجم الاقتصاد مقاساً بقيمة الناتج المحلي الإجمالي
- ما إذا كانت عملة احتياطي
- حجم الأسواق المالية
- حرية تنقلات رؤوس الأموال
العملات التي تصنف باعتبارها "رئيسية" هي العملات الأكثر استخداماً في التمويل والتجارة العالمية – مثل الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني واليورو والين الياباني. لاحظ أن الصين وبرغم أنها ثالث أكبر اقتصاد على مستوى العالم إلا أن العملة الصينية لا تندرج ضمن العملات "الرئيسية". يعزى ذلك إلى أن الحكومة، وليس آليات السوق الحرة، هي التي تحدد أسعار الصرف ومعدلات الفائدة. إدراج العملة ضمن فئة العملات الرئيسية يشترط أن يجري تداولها بشكل حر أي بدون تدخل إداري في شكل وضع قيود على حركة رؤوس الأموال أو ضوابط تفرضها الحكومة على التدفقات النقدية الداخلة أو الخارجة.
تُعد كل عملة من العملات الرئيسية عملة احتياط بدرجة أو بأخرى، مع ملاحظة أن الدولار الأمريكي يستحوذ على 58% من تلك الحصة على مستوى العالم، فيما تحل تاليًا عملات اليورو والجنيه الإسترليني والين كعملات احتياط عالمية. هناك عدة أسباب تدفع الدول إلى الاحتفاظ باحتياطيات من العملات الأجنبية، منها على سبيل المثال شراء المواد الغذائية أو المعدات العسكرية في أي لحظة يكون فيها البائعون مستعدون لقبض ثمن منتجاتهم بعملة معينة. يأتي الدولار الأمريكي في صدارة عملات الاحتياطي العالمية، وهو ما يعزى إلى كون 40% من المنتجات العالمية مسعرة بالدولار، كما أن 90% من معاملات أسواق الفوركس تنطوي على العملة الخضراء.
ولذلك ليس من المستغرب أن تستحوذ أزواج العملات الرئيسية على النصيب الأكبر من حجم التجارة وتدفقات رؤوس الأموال وأيضاً أحجام التداول في أسواق الصرف. بعض أزواج العملات تتضمن عملتين رئيسيتين تمثل كل منهما على حدا ثقل كبير والتي من أمثلتها اليورو/الدولار واليورو/الين والباوند/اليورو. عند الجمع بين عملة رئيسية (الدولار) مع عملة ثانوية (البيزو المكسيكي) عندها نحصل على ما يطلق عليه زوج العملات الثانوي.
يندرج الفرنك السويسري والدولار الأسترالي والدولار الكندي والدولار النيوزيلندي ضمن العملات الرئيسية. ويصنف الفرنك السويسري كعملة رئيسية حتى برغم أن حجم الاقتصاد وأسواق المال السويسرية صغير نسبياً، ولكنه يتمتع بهذه الصفة بفضل الدور التاريخي الذي لعبته سويسرا كبلد محايد وملاذ آمن. على الجانب الآخر، حصل الدولار الكندي ونظيره الأسترالي والنيوزيلندي على تلك الصفة لأن بلدانها تتمتع بأنظمة مالية من الطراز الأول كما تصنف بين أهم مزودي السلع والمواد الأساسية. لاحظ أن الفرنك السويسري لا يدخل سوى في تركيب أزواج العملات الرئيسية ولكن لا ينطبق ذلك بالضرورة على الدولارات الكندية والأسترالية والنيوزيلندية.
لا تقف جميع العملات الرئيسية على قدم المساواة. على سبيل المثال، استحوذ الدولار الأمريكي في معظم الأوقات على القدر الأكبر من أسواق السندات الحكومية (كما أن الولايات المتحدة هي أكبر سوق لسندات الشركات). الجدير بالذكر أن ملكية الأجانب للسندات الحكومية الأمريكية بلغ 40%، ولكنه تراجع في 2024 إلى 14% فقط. تضم اليابان أيضًا سوق ضخم للغاية للسندات الحكومية، والذي زادت فيه نسبة المشاركة الأجنبية إلى حوالي 15% بحلول نهاية 2023. على الجانب الأخر، يتسم سوق السندات الأوروبية بأنه مُجزأ بين عدة بلدان (يضم الاتحاد الأوروبي 28 عضوًا، فيما يبلغ عدد البلدان التي تستخدم اليورو داخل الاتحاد النقدي الأوروبي 19 فقط.)
كن حذراً عند قراءة الأخبار
عندما تكتب الصحافة المالية عن "الدولار" أو "اليورو" يقع صحافيوها عادةً في خطأ شائع، وهو الإشارة إلى عملة ما دون تسمية العملة المقابلة لها في زوج العملات، الأمر الذي يتسبب في إرباك القارئ. عندما يكتب صحفي عن "صعود الدولار الأمريكي،" قد يثور التساؤل عن أي دولار يقصده؟ فربما يشير هذا الصحفي إلى مؤشر الدولار، وهو عقد مستقبلي يعتمد على سلة من العملات، أو USD/JPY أو حتى EUR/USD، ولهذا تتطلب الدقة أن يرافق العنوان السابق عبارة توضيحية مثل "واليورو ينخفض."
بعبارة أخرى، لا توجد عملة منفردة في أسواق الفوركس. تأتي جميع العملات في شكل أزواج بحكم التعريف. الطريقة المثلى للتفكير بشأن أزواج العملات هو تخيل عملة الأساس، والتي تأتي أولاً في الزوج، باعتبارها سلعة التداول الفعلي، فيما تشير العملة الثانية إلى الأموال الحاضرة التي ستستخدمها في شراء أو بيع العملة الرئيسية. إذا كنت بصدد شراء EUR/USD لاعتقادك بأن اليورو سوف يرتفع وبالتالي قررت شراءه الآن ثم بيعه لاحقاً لتحقيق ربح، يكون اليورو هنا هو سلعة التداول أو العملة الرئيسية، تماماً كما هو الحال مع السهم أو السند أو السلعة، فيما ستستخدم الدولارات الأمريكية لشراء اليورو. وعلى ذات المنوال، يمكنك شراء اليورو مقابل الدفع باستخدام الين الياباني (EUR/JPY) أو شراء اليورو والدفع باستخدام الباوند البريطاني (EUR/GBP).
ثلاثة مجموعات من أزواج العملات
الأزواج الرئيسية
إذا كنت تستخدم تقرير بنك التسويات الدولية كنقطة مرجعية، يمكننا القول أن "العملة الرئيسية" هي تلك التي تستحوذ على أكثر من 3% من إجمالي حجم التداول اليومي. وبناءً على هذا التعريف، سيكون لدينا سبعة أزواج رئيسية: EUR/USD، USD/JPY، GBP/USD، AUD/USD، USD/CAD، USD/CNY، وUSD/CHF.
برغم ذلك، فإن التعريف التقليدي لأزواج العملات الرئيسية في الوقت الحالي يستبعد زوج USD/CNY بسبب محدودية قدرة متداولي التجزئة على تداوله. وعلى العكس من ذلك، يتم إضافة زوج NZD/USD برغم صغر حجم تداولاته وذلك بسبب المكانة المرموقة التي يحتلها الدولار النيوزلندي. أيضاً تندرج أزواج عملات مثل EUR/GBP، EUR/JPY و GBP/JPY ضمن الأزواج الرئيسية برغم صغر أحجام تداولها.
أزواج العملات الثانوية
يحمل زوج العملات صفة "الثانوي" عندما يضم عملة بلد ذات اقتصاد صغير نسبياً أو سوق مالية نامية، سواء كانت أسواق الأسهم أو السندات. برغم ذلك، قد تكون بلد العملة "الثانوية" تمتلك اقتصاد ضخم للغاية، مثل الصين أو روسيا، إلا أنها تظل تحمل صفة الثانوية لأن تلك العملة لا يجري تداولها وفق آليات السوق الحرة. تضم العملات الثانوية بعض الأسواق المتقدمة وأيضاً بعض عملات الأسواق الناشئة. أحد الأمثلة على العملة الثانوية لبلد ذات اقتصاد متقدم هو وون كوريا الجنوبية.
تشمل العملات الثانوية البيزو المكسيكي، واليوان الصيني، والدولار الكوري الجنوبي، والكرونة السويدية، والروبل الروسي، والكرونة النرويجية، ودولار هونج كونج، والدولار السنغافوري، والليرة التركية. يطلق على العملات "الثانوية" في سوق الفوركس عادةً مصطلح "الشاذة" أو "النادرة"، وذلك رغم أن بعض المحللين يقصر استخدام تلك الأوصاف على أزواج العملات التي تتكون من عملتين ثانويتين، مثل راند جنوب أفريقيا/الليرة التركية. تستحوذ معظم الأزواج الثانوية على حصة منخفضة للغاية من إجمالي حجم تداول الفوركس. على سبيل المثال، تبلغ نسبة الدولار الأمريكي/الليرة التركية 0.3%، واليورو/اليون الصيني 0.1%
هناك أيضًا العديد من العملات الأخرى التي تُصنف على أنها ثانوية، منها على سبيل المثال لا الحصر، الزلوتي البولندي، والفورنت المجري، والراند الجنوب أفريقي، والريال البرازيلي. الجدير بالذكر أن توقعات حصول بولندا والمجر على العضوية الكاملة في الاتحاد النقدي الأوروبي أدت إلى تزايد استخدام اليورو في تلك البلدان على نطاق واسع. كان من المتوقع أن تنضم بولندا في عام 2020، ولكن لا يوجد حاليًا تاريخ نهائي محدد، وهو نفس الأمر الذي يسري على المجر.
الجمع بين عملة رئيسية وعملة ثانوية في زوج واحد لا يجعل من هذا الزوج يصنف ضمن الأزواج "الرئيسية"، حيث يظل مصنفاً كزوج ثانوي.
أزواج العملات التقاطعية
يقوم المتداولون بإنشاء أسعار صرف تقاطعية من خلال دمج زوجي عملات مثل EUR/USD وUSD/MXN. وعن طريق إلغاء العملة المكررة يمكن للمتداول إنشاء زوج هجين أو "تقاطعي" مثل EUR/MXN. برغم ذلك لا تستحوذ هذه النوعية من أزواج العملات سوى على نصيب محدود للغاية من أحجام التداول حتى برغم أن إحدى الزوجين الرئيسيين هو زوج العملات الأكثر تداولاً، EUR/USD، كما يحظى زوج USD/MXN أيضا بشعبية كبيرة.
هناك احتمالات لا حصر لها عند تشكيل أزواج العملات التقاطعية إلا أن محدودية أحجام تداول العملات المكونة للزوج، مثلTRY/KRW (الليرة التركية مقابل وون كوريا الجنوبية)، تؤدي إلى اتساع أسعار السبريد وانخفاض السيولة المتاحة بشكل عام.
تتمتع الأزواج التقاطعية الرئيسية مثل AUD/CAD، AUD/JPY، EUR/AUD وCAD/JPY. عادة بسيولة عميقة وأسعار سبريد منخفضة. حتى في حالة الأزواج التقاطعية الثانوية مثل EUR/PLN (اليورو مقابل الزلوتي البولندي) وEUR/RUB (اليورو مقابل الروبل الروسي) – يظل بالإمكان إيجاد الأسعار في ظل ظروف السوق العادية حتى وإن كانت بكميات محدودة.
نصيحة المحترفين: من المهم عند تداول أزواج العملات الثانوية والتقاطعية معرفة أنه في حالة جفاف السيولة لسبب أو لآخر (عادةً نتيجة بعض الأحداث التي تؤدي إلى عزوف المستثمرين عن المخاطرة)، تكون عملات الأسواق الناشئة هي أولى العملات التي تواجه اتساع أسعار السبريد وشح السيولة، يليها أزواج العملات الثانوية والتقاطعية وأخيراً الأزواج الرئيسية. إذا كان هناك حدث هام يلوح في الأفق فمن الأفضل الاقتصار على تداول الأزواج الرئيسية باعتبارها تتيح هامش واسع للمناورة.