القنوات السعرية
يعتبر استخدام خطوط الاتجاه لرسم مستويات الدعم والمقاومة أداة مفيدة لتحديد موقع السعر الحالي بالنسبة إلى مجموعة من الأسعار المحتملة بجانب وضع مستويات الوقف والأهداف. يمكنك رسم خط الدعم واستيضاح ما إذا كان خط المقاومة المصاحب موازياً، أو وضع هذا الخط موازياً بشكل تحكمي حتى عن طريق تجاهل بعض الأسس الفنية ومستويات السعر الهامة. تتشكل قناة الاتجاه الكلاسيكية بالتالي من خطوط متوازية تمثل مستويات الدعم والمقاومة.
تكمن المشكلة في قناة الاتجاه المستمدة من خطوط الدعم والمقاومة المتوازية في أنها لا تدوم عادةً لفترة طويلة. لا تتحرك الأسعار في أغلب الأحيان بهذه الطريقة المنظمة لفترة طويلة، فيما يزداد الأمر سوءاً عندما تكون هذه القناة ضيقة للغاية حيث يسهل كسرها. المغزى الرئيسي من كسر قناة الاتجاه هو الإشارة إلى نهاية حركة معينة للسعر، إلا أنه عندما تكون القناة ضيقة فإن كسرها قد لا يكون سوى مجرد انحراف عشوائي لا يعكس بالضرورة حدوث تغير في الاتجاه السائد. أما إذا كانت القناة متسعة فإن هذا سيعطي لحالات اختراق السعر أهمية ودلالة أكثر وضوحاً ولكن من نفس المنطلق قد لا تتلائم مستويات الوقف والأهداف التي تضعها على أساس خطوط هذه القناة مع محددات المخاطرة الخاصة بك.
قناة الانحدار الخطي
هناك طريقة أفضل لرسم قناة الاتجاه عن طريق توسيطها على جانبي خط الانحدار الخطي. يمكن القيام بذلك عن طريق إضافة القيمة الرقمية للخطأين المعياريين إلى الانحدار الخطي لتشكيل الحد العلوي للقناة ثم طرح هذه القيمة من الانحدار الخطي لتشكيل الحد السفلي. هذه هي نفس الطريقة المستخدمة في تشكيل البولينجر باند عن طريق إضافة وطرح الانحرافات المعيارية بالنسبة إلى المتوسط المتحرك لفترة 20. ولكن قد يثور التساؤل هنا حول الفرق بين الخطأ المعياري والانحراف المعياري؟
لا تحتاج بالضرورة إلى الإلمام بتفاصيل المصطلحات الإحصائية حتى تكون قادراً على استخدام هذين المقياسين، ولكن طالما تطرقنا إلى هذه النقطة دعنا نوضحها بشكل موجز. الانحراف المعياري هو مقياس للتشتت بعيداً عن المتوسط، كما هو الحال مع خط المتوسط المتحرك في مؤشر البولينجر باند. وبالتالي يقيس الانحراف المعياري معدل التغير أو التذبذب. يبدأ الحساب عن طريق أخذ الفارق بين السعر ومتوسط الأسعار خلال الفترة الزمنية، ثم تربيع هذا الفارق، ثم قسمته على عدد الفترات الزمنية، وأخذ الجذر التربيعي. قد يبدو الأمر معقداً بعض الشيء ولكن لا تأبه لكل هذه التفاصيل.
على النقيض من ذلك، يقيس الخطأ المعياري مدى ارتباط الأسعار بخط الانحدار الخطي. كلما اقتربت الأسعار من خط الانحدار كلما كانت أقل تذبذباً وابتعاداً عن معامل الانحدار الخطي وهو ما يمثل إشارة على قوة الاتجاه. أما في حالة ابتعاد السعر عن خط الانحدار فإن الخطأ المعياري يأخذ رقم أكبر. هذه الأرقام الكبيرة تعكس ما يسمى بضوضاء السوق. إذا كان السعر يقع على خط الانحدار فإن قيمة الخطأ المعياري تكون صفر أو بعبارة أخرى يقع السعر حرفياً على "خط الاتجاه". يظهر الشكل التوضيحي التالي مثال على الرسم البياني. في الواقع العملي، لن ترى الانحراف المعياري (الأزرق) أو الخطأ المعياري (الأحمر) بهذا الشكل، إلا أن الرسم البياني يظهر أن الانحراف المعياري قد رسم عدد كبير من القمم والقيعان باعتباره يقيس ابتعاد السعر عن المتوسط (في هذا المثال لفترة 10 أيام). على الجانب الآخر، يبدو الخطأ المعياري باللون الأحمر أقل تذبذباً وهو ما يعني أن الاختلافات لا تتجاوز النطاق الطبيعي حتى وإن كانت في بعض الأحيان حادة وتعكس تقلبات مؤقتة في السوق.
تعاني قنوات الانحدار الخطي من نفس العيب المتمثل في أنه سيتعين عليك تحديد بداية ونهاية الخط بنفسك، أي أنها تعتمد على التقدير الذاتي والذي قد يختلف من شخص لآخر. يمكن إتباع قاعدة مفيدة في هذا الصدد وهي وضع بداية ونهاية خط الانحدار عند قمة أو قاع بارزين ثم تمديد هذه الخطوط لتحديد مواضع الدعم والمقاومة إذا استمر الاتجاه على نفس السرعة ودرجة الانحدار.
تم رسم قناة الانحدار الخطي على الرسم البياني أدناه بدءًا من أدنى قاع وانتهاءً بأعلى قمة. يمكنك أن ترى حاليًا أنه خلال هذه الفترة الزمنية كسر السعر أيضًا خطوط القناة— مرتين — لاحظ أن القناة تعرض تقلبات الأسعار بدقة كبيرة. لاحظ أيضًا أن السعر تحرك جيئةً وذهابًا بين قمة وقاع القناة طوال أربعة شهور. وفي نهاية أعمدة السعر من المفترض أن تكون قد أدركت أنه يتجه الآن صوب قاع القناة بعد انتهاء الحركة الصعودية. إذا واصل السعر رحلته نحو القاع، فأنت في هذه الحالة نجحت في تحديد نقطة الدخول المُثلى لمركز شراء. أنت تعرف أيضًا أين تضع مستوى الإيقاف، والذي من المفترض أن يكون على مسافة بضع نقاط أسفل قاع القناة وكذلك الهدف ـ عند قمة القناة. نتوقع الآن عودة السعر على الأقل إلى مركز الانحدار الخطي.
برغم ذلك ينبغي توخي الحذر في التعامل مع هذه الفرضية حيث أن السعر لن يتصرف دائماً بهذه الطريقة المنتظمة والتي قد نتوقع معها عكس وجهته بمجرد الاقتراب من القمة للعودة صوب القاع. القمة الأخيرة على هذا الرسم البياني لم تلامس الحد العلوي للقناة قبل أن تعكس وجهتها هبوطاً. قناة الانحدار الخطي هي أداة مفيدة يمكن أن تقدم توقعات عندما لا تعرف تحديداً ما قد يجري، كما قد تقدم أيضاً بعض قواعد التداول فيما يخص تحديد نقاط الدخول والخروج، ولكن يمكنك الاستفادة من هذه الفوائد الجمة إذا كنت تتداول على إطار زمني كبير. أما من ناحية الممارسة العملية في المدى القصير قد تفضل الخروج من مركز شرائي عندما يبدأ الزوج في التراجع عن بعض مكاسبه. ويمكنك الاستعداد للقيام بذلك عن طريق إضافة معيار معين مثل فشل السعر في الوصول إلى أعلى قمة لثلاثة أيام متتالية أو غيرها من المؤشرات.
يضع الرسم البياني أدناه خطي دعم باللون الأحمر على مخطط القناة. يبدأ خط الدعم الأول (S1) من أدنى قاع وينصحك بالخروج بعد استمرار الحركة التصحيحية على مدار يومين. أما خط الدعم الثاني الأقصر(S2) فسوف يُخرجك من الصفقة في يوم الاختراق نفسه. أحد المؤشرات المفيدة الأخرى في ظل هذه الأوضاع هو مؤشر القوة النسبية (RSI).يوضح الخط العمودي المكان الذي يشير مؤشر RSI في النافذة السُفلى عنده إلى أن الحركة الصعودية بدأت في التلاشي وينبغي عليك التفكير في الخروج من صفقتك— قبل خمسة أيام من حدوث الاختراق الهبوطي.
النمط الهندسي المتكرر
من المفترض أن تكون على دراية الآن أن أسعار الفوركس تُعرض بدقة كسرية— ولكن لا يمكنك معرفة الإطار الزمني للرسم البياني ما لم تتم تسميته بوضوح. بعبارة أخرى، فإن مخطط الساعة يشبه المخطط اليومي لأن سلوك المتداولين لا يختلف كثيرًا على أي إطار زمني. انظر الرسم البياني التالي لقنوات الانحدار الخطي على الرسم البياني للساعة. تم رسم القناة الهابطة من أعلى قمة إلى أدنى قاع، في حين تُرسم القناة الصاعدة من أدنى قاع إلى الحركة الأخيرة للسعر ويتم إسقاطها من هناك. لاحظ أن هناك عدة اختراقات صعودية في إطار الحركة الهابطة، فيما لامس السعر قاع القناة مرة واحدة فقط. بعد كسر السعر أعلى القناة الهابطة، كان من الأجدى رسم قناة صعودية جديدة. تحركت الأسعار بشكل سلس داخل القناة الجديدة، وتبدو فكرة صائبة أن تحاول شراء الارتداد إلى قاع القناة ما لم يتبعه اختراق هبوطي. وكما هو الحال مع قنوات الانحدار على المخططات اليومية، يمكنك استخدام خطوط القناة لتعيين مستويات الإيقاف وأهداف الربح، رغم أن الاستعانة بمؤشرات أخرى ستظل أيضًا فكرة صائبة.
هل تعرف؟
مع مرور السنوات لجأ المحللون إلى وضع عدد من معاملات الاختلاف على قناة الانحدار الخطي حتى تجعل منها أكثر سلاسة وفائدة بالنسبة للمتداول. على سبيل المثال، يوصي جيلبرت راف بإضافة اثنين من الانحرافات المعيارية بشكل يمنع السعر من كسر القناة بأي من الاحوال. كما تضمن ’وسادة‘ راف الإضافية أنك لن تتسرع في جني الأرباح قبل الوقت المناسب أو تخرج من الصفقة بسبب قفزة مؤقتة في حركة السوق.