تداول الارتدادات السعرية
الارتدادات هي تحركات معاكسة للاتجاه الأصلي وهي مصاحبة دائماً لأي ترند في السوق. يطلق على الارتدادات أيضاً أوصاف "التصحيحات". لا تسير أي حركة سعرية في خط مستقيم حيث من الطبيعي أن تصاحبها عدة ارتدادات. تعزى هذه الارتدادات عادةً إما إلى عمليات جني الأرباح أو ظهور أفكار جديدة بعد نشوء الحركة الأصلية. ويمكن تخيل أسباب أخرى لتراجع الاتجاه الأصلي برهة من الوقت قبل استئناف مساره، والتي قد ترتبط بوقت معين من اليوم، أو يوم معين من الأسبوع، أو يوم معين من الشهر أو ربع العام، كما يمكن إرجاعها إلى التحركات العشوائية التي تتكرر منذ قديم الأزل. وبالنظر إلى أن الارتداد هو في جوهره تراجع عن الاتجاه السائد، لهذا يمكن تحديده عند ملاحظة تعثر لإحدى مؤشرات الزخم. يعتقد بعض المحللين أن "نماذج الهارمونيك" أو غيرها من النماذج السعرية تظهر أثناء الارتدادات، مثل الارتدادات التي تظهر عادةً عند نهاية "حركة قياسية محسوبة" أو إحدى أرقام فيبوناتشي. الأمر متروك لكل متداول في تحديد مدى صحة هذه الافتراضات أو فائدتها من عدمه.
تعتبر الارتدادات واحدة من المعضلات العسيرة التي تواجه كل متداول حيث يتوجب عليه اتخاذ واحد من القرارات التالية بشأنها:
- تجاهل الارتداد والانتظار حتى استئناف الترند الأصلي، وهو ما يؤدي إلى تكبد خسائر ورقية.
- الخروج سريعاً وإعادة الدخول بمجرد استئناف الترند الأصلي.
- الاعتقاد بانتهاء الترند – ومن ثم التداول في الاتجاه المعاكس إلى حين انتهاء الارتداد.
جميع القرارات الثلاثة مقبولة ولكن سيتوقف اختيار إحداها على الإطار الزمني الذي اخترته ومدى الثقة في قدرتك على التداول بشكل ينسجم مع توجهات السوق.
تجاهل الارتداد على أساس الاعتقاد بأن الترند الأصلي سوف يستأنف مساره هي ممارسة يلجأ إليها المتداولون على المدى الطويل، والذين يستندون إلى عوامل أساسية لتبرير قراراتهم. العيب الرئيسي لهذا الخيار هو أنه قد يدفعك إلى التخلي عن بعض المكاسب التي حققتها بالفعل (على الورق)، وهو أمر قد يكون بالغ الصعوبة من الناحية النفسية، وبالطبع هناك احتمال لا يمكن التغافل عنه وهو أن تكون على خطأ تماماً حين يتحول الارتداد إلى انعكاس كامل.
إعادة الدخول بعد الارتداد هي إحدى الطرق المتعارف عليها بين "متداولي السوينغ"، وهي بالطبع الطريقة الأكثر ربحية لتداول الاتجاهات. لا تسير جميع الاتجاهات دائماً على منوال واحد من الارتفاع أو الانخفاض أو ما يطلق عليه نموذج A-B-C والذي يتمثل في انخفاض أولي يلحقه ارتفاع بمسافة أقل ثم انخفاض نهائي. ولكن بغض النظر عن شكل الارتداد تظل النقطة الرئيسية هي ضرورة امتلاك القدرة على تحديد نهاية الارتداد. يتلخص مفهوم متداولي السوينج في تداول الارتداد وفق هذا النهج في عبارة "الشراء من القيعان، والبيع عند القمم." لاحظ دائماً أن متداول السوينج لا يتداول أبداً في عكس الاتجاه.
إحدى التطبيقات الخاصة لطريقة تداول السوينغ هو الشراء من قاع الارتداد، ثم الشراء عند الكسر في اتجاه الترند الرئيسي، ثم انتظار الارتداد بعد الكسر للشراء للمرة الثالثة – يطلق على هذه الطريقة الشراء التدريجي والتي تستند إلى نموذج الارتداد السعري.
على عكس ما قد يعتقده كثيرون، لا يلتزم معظم متداولي الفوركس بالتداول مع الاتجاه فقط خصوصاً وأن كثير منهم يلجأ إلى سوق العملات في المقام الأول بسبب قوة اتجاهاته. ولهذا يفضل كثيرون إلى افتراض تلاشي الاتجاه بدلاً من تجاهل الارتداد أو الانتظار حتى ظهور الحركة الاتجاهية التالية. تكمن الفكرة في أن الارتداد قد يكون كافياً للقيام بصفقة أو اثنتين وبغض النظر عن اتجاه الحركة السعرية، سواء كانت صاعدة أو هابطة. يضع هذا النهج الاختراقات السعرية على رأس الأدوات التي يلجأ إليها المتداول على المدى القصير، حتى برغم إدراكنا أن هذه الاختراقات عادةً ما تكون كاذبة أو في بعض الأحيان عشوائية بلا أي مغزى. ونظراً للظهور المكثف للاختراقات العشوائية أو المؤقتة، لا يعتبر تداول الاختراق السعري وحده دون مراعاة الاتجاه الرئيسي استراتيجية قادرة على الصمود لفترة طويلة.
يتطلب تقييم الارتدادات تحديد شرطين رئيسيين – متى يبدأ الاتجاه ومتى ينتهي – أو يتحول إلى انعكاس. يلجأ معظم المتداولين في تحديد بداية الاتجاه إلى استخدام إحدى مؤشرات الزخم، وهنا يأتي دور متذبذب الاستوكاستيك باعتباره الأكثر شهرة. ولكن لسوء الحظ يمكن أن يشير الاستوكاستيك إلى وجود السعر في مناطق ذروة الشراء أو ذروة البيع لفترة طويلة ولكن دون حدوث الارتداد.
يُظهر الرسم البياني أدناه حركة ارتدادية في سياق اتجاه صاعد على زوج EUR/USD. يتراجع مؤشر الزخم في النافذة السفلى بالتوازي مع انخفاض السعر، ولاحظ أن البولينجر باند قد انكمش بعد انتهاء الارتداد الهبوطي. تذكر أن كسر البولينجر باند في الفوركس لا يستمر عادةً أكثر من ثلاث فترات قبل أن يعود السعر إلى الداخل. لم يستمر الارتداد الحالي كثيرًا وتحرك في خط مستقيم إلى أسفل قبل انتهاؤه، على الرغم من أن الارتدادات لا تتحرك عادةً في خط مستقيم ويمكن أن تمر بفترات قصيرة من التوطيد العرضي. المعنى الضمني لهذا السيناريو هو عدم التسرع والأخذ في الاعتبار أنه نظرًا لتوقف تراجع السعر، فإنه سوف يبدأ في الصعود مرة أخرى بمجرد انتهاء الحركة الارتدادية.
كيف يمكنك توقع أن الارتداد على وشك الحدوث؟ أهم مؤشر على حدوث الارتداد هو تلاشي الزخم القوي – أي بعبارة أخرى، وجود السعر في مناطق ذروة الشراء أو ذروة البيع. انظر إلى الرسم البياني التالي والذي يظهر متذبذب الاستوكاستيك. يعتبر متذبذب الاستوكاستيك أداة هامة في الإشارة إلى إمكانية حدوث ارتداد سعري عند التداول على المدى القصير.
يتطلب تحسين فهمك لهيكل الحركة الارتدادية بالتوازي مع تطورها الاستعانة بطريقتان كلاسيكيتان، وهما كسر المتوسط المتحرك الرئيسي، وكسر الدعم أو المقاومة. انظر الرسم البياني التالي. المتوسط المتحرك الأسي باللون الأزرق هنا هو لـ 5 فترات (بينما يستخدم البولينجر باند دائمًا 20 فترة). كما هو الحال مع جميع المتوسطات المتحركة، فهذا المتوسط متأخر، ولكن ليس كثيرًا في هذه الحالة. وبالتالي عندما يغلق السعر أعلى المتوسط المتحرك لـ 5 فترات، فتلك إشارة على أن الحركة الارتدادية أوشكت على الانتهاء. يقطع السعر أعلى المتوسط المتحرك لـ 5 فترات وهو ما يتزامن مع انكماش البولينجر باند، علاوة على ذلك، لدينا خط جديد للدعم لامسه السعر للتو ولكن دون أن يتمكن من الكسر أدناه.
يعتبر كسر خط الدعم إحدى الإشارات الرئيسية على أن الارتداد السعري لم يتوقف عند هذا الحد وبدأ في التحول إلى انعكاس كامل. تبرز هنا أهمية استخدام عدة أطر زمنية للرسم البياني. ففي هذا المثال، ستلحظ وجود خط دعم لأنك قمت برسمه على إطار زمني أكبر مثل اليومي رغم أنك تتداول بشكل رئيسي على إطار الأربع ساعات. كما ستلحظ إمكانية كسر خط الدعم ولكن دون كسر الترند الأصلي ذاته:
تعتبر الارتدادات السعرية واحدة من المعضلات التي يواجهها أي متداول، حيث يظل الحكم على قوة الاتجاه واستمراره سؤال مفتوح يصعب الإجابة عليه. الخيار الأفضل في هذه الحالة هو إيجاد مؤشر يتمتع بموثوقية في تحديد الارتدادات على زوج العملات والإطار الزمني الذي تعمل عليه، والذي يمكن أن يكون مؤشر القوة النسبية، أو الاستوكاستيك أو أي مؤشر آخر. فيما يلي بعض المفاهيم التي يمكن أن يستفيد منها متداول السوينغ للاستفادة من الارتدادات السعرية.
- شراء الارتداد الأول بعد اختراق كبير ومؤثر، ويشير لفظ مؤثر هنا إلى كسر إحدى مستويات الدعم/المقاومة الرئيسية، أو كسر خط المتوسط المتحرك لفترة 200 يوم، أو إغلاق فجوة سعرية كبيرة، أو كسر مستوى رئيسي تم إنشاؤه في الماضي، خصوصاً عندما يتزامن مع رقم صحيح.
- شراء الارتداد الأول عند اختراق متوسط متحرك هام، وكلمة هام هنا تشير إلى المتوسطات المتحركة التي تؤدي دور الدعم للورقة المالية والإطار الزمني الذي تتداول عليه بموثوقية كبيرة. من المفضل وضع عدة متوسطات متحركة على مخططاتك البيانية حتى تظل ظاهرة عند التبديل بين الأطر الزمنية. على سبيل المثال، يتمتع خط المتوسط المتحرك لفترة 200 على إطار الأربع ساعات بتأثير كبير، وربما غريب، على الرسم البياني لزوج EUR/USD. تتسارع وتيرة حركة السعر (في كلا الاتجاهين) بعد كسر هذا الخط. كما يستخدم بعض محللي الفوركس أيضاً المتوسط المتحرك لفترة 200 ساعة.
- انتبه أيضاً إلى النماذج السعرية مثل القمم والقيعان المزدوجة وكذلك بعض نماذج الرسم البياني مثل "الرجل المشنوق"