خطة التداول
تتولى خطة التداول مهمة تحديد أهدافك المالية وآليات العمل التي ستتبعها لتحقيق هذه الأهداف. من السهل أن تقول مثلاً "سأقوم بتحويل 10,000$ إلى 250,000$ في عام واحد عن طريق تداول الفوركس"، ولكن دون أن يرافق ذلك وضع تفاصيل محددة عن العملات التي تنوي تداولها، وتيرة التداول، الإطار الزمني، أو مخاطر الخسارة التي يمكنك تحملها. غياب هذه التفاصيل يجعل من الأمر نوع من الهواية أو الأحلام التي من النادر أن تتحول إلى حقيقة على أرض الواقع. تتضمن خطة التداول الحقيقية كافة التفاصيل التي أشرنا إليها.
في الممارسة العملية، تبدو خطة التداول دائماً نوع من العمل الذي لا ينتهي، لأننا نتعلم طوال الوقت من الخبرات والاطلاع على الأفكار والتقنيات الجديدة.
اختيار زوج العملات
الخطوة الأولى في إنشاء خطة التداول هو تحديد العملات التي تنوي تداولها، سواء كانت تندرج ضمن أزواج العملات الرئيسية مثل EUR/USD أو GBP/USD، أو الأزواج الأقل سيولة مثل USD/CAD وUSD/CAD وNZD/USD. ربما تفضل أيضاً أزواج العملات التقاطعية لأنها أقل تذبذباً مثل، EUR/JPY. وقد تفكر أيضاً في تداول بعض الأزواج الشاذة مثل عملات البلدان الناشئة (الليرة التركية وراند جنوب أفريقيا) أو حتى أزواج العملات التقاطعية الشاذة مثل الليرة مقابل الراند.
يعتبر التذبذب واحد من المعايير التي تدخل في اختيار العملات التي تنوي تداولها. يمكنك التعرف على مستويات التذبذب لكل عملة عن طريق مشاهدة الرسوم البيانية، أو الاطلاع على جداول معدلات التذبذب المتاحة عبر الإنترنت، أو عن طريق إنشاء جدول بيانات يتضمن أزواج العملات المختارة ثم تطبيق دالة الانحراف المعياري على بيانات الأسعار. إذا قررت اختيار معدل التذبذب كمعيار رئيسي، عندها يجب أن تتضمن بيانات المقارنة الإطار الزمني الذي تخطط للتداول عليه. من المحتمل أن يظهر إطار اليومي لإحدى أزواج العملات مستوى منخفض للتذبذب فيما تتفاجأ بتذبذبات حادة لنفس الزوج على إطار الساعة، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على النتائج التي ستحققها عند الانتقال إلى التداول الحقيقي.
أحد المعايير الأخرى في اختيار العملات التي تنوي تداولها هو مدى الاتجاهية. يعتبر قياس اتجاهية العملات عملية إحصائية معقدة وهو ما يجعل العديد من المتداولين ينصرفون عن متابعتها ناهيك عن توفر القدرة على القيام بذلك. يتغير أيضاً معدل الاتجاهية بمرور الوقت، ولكن يمكنك بشكل عام الاطلاع على الرسوم البيانية لمختلف العملات وتحديد الأزواج التي تتحرك معظم الوقت في نطاقات عرضية، وتلك التي تتخذ اتجاه واضح. يمكن القيام بذلك عن طريق خطوط الاتجاه المرسومة يدوياً أو استخدام قنوات الانحدار الخطي. ولكن مرة أخرى، احرص على النظر إلى الإطار الزمني الذي تنوي التداول عليه.
ينصرف المعيار الثالث في اختيار عملات التداول إلى تحديد مدى إلمامك بالخلفية الاقتصادية للبلد الذي تنوي تداول عملته، وهو أمر يعد بالغ الأهمية. أحد الأمثلة على ذلك هو الدولار الأسترالي، حيث أعلنت الحكومة الأسترالية مؤخراً عن خطة صريحة لتقليل الاعتماد على أنشطة التعدين وتنويع القاعدة الاقتصادية. ولتحقيق هذا الهدف لجأت السلطات خلال السنوات الأخيرة إلى اتباع سياسة معينة لإدارة أسعار الفائدة، بالإضافة إلى سعي كبار المسئولين لتخفيض قيمة العملة من خلال التدخلات اللفظية، بهدف دعم الصادرات غير التعدينية وزيادة تنافسية الصادرات الوطنية بشكل عام.
اختيار الإطار الزمني
يتطلب التداول تركيز الجهد وتخصيص الموارد الضرورية، بغض النظر عن خطة المتاجرة التي تنوي اختيارها. على سبيل المثال، يعتمد اختيار الإطار الزمني بشكل كبير على أنشطتك الحياتية، بما في ذلك وظيفتك اليومية. إذا كنت تمارس عمل يومي قد يمنعك من متابعة شاشة التداول خلال الفترة التي تريد التداول في إطارها، عندها ستكون قد اتخذت قرار خاطئ. دعنا نفترض أنك تقيم في نيويورك وترغب في التداول على إطار الساعة في الفترة من 8:30 إلى 11:00 بتوقيت الساحل الشرقي، وهي الفترة التي تشهد أكبر سيولة في سوق الفوركس. إذا كانت وظيفتك اليومية تتداخل مع هذه الفترة، فعلى الأرجح لن يرحب رئيسك بالانشغال عن مهام العمل اليومية بمتابعة حساب تداولك الشخصي. أما إذا قررت تأجيل التداول إلى ما بعد مواعيد العمل الرسمية، لنفترض عند الساعة السابعة مساءاً، عندها ستواجه معضلة انخفاض نشاط السوق وشح السيولة المعتاد خلال جلسات التداول في نيوزيلندا وأستراليا. ولكن طالما كان هذا هو الوقت الوحيد المتوفر لممارسة التداول، عندها يمكنك تعديل خطة التداول لتتضمن عملات مثل الدولار النيوزيلندي أو الدولار الأسترالي أو الين الياباني أو أي عملة آسيوية أخرى.
أما إذا كنت تفضل تداول اليورو دولار، فإن الحل الوحيد هو تغيير الإطار الزمني من الساعة إلى اليومي. تبدو هذه المشكلة معقدة في بعض الأحيان، حتى أن بعض المتداولين يلجؤون إلى الانتقال من موطنهم إلى مكان آخر حتى تتلائم أوقات عملهم ونشاطهم مع الزوج أو الفترة الزمنية التي يرغبون بالتداول في إطارها —أنا شخصياً اعرف متداول انتقل من كاليفورنيا إلى سويسرا حتى يتمكن من التداول خلال الجلسة الأوروبية.
الاعتبار الثاني الذي يجب مراعاته عند اختيار الإطار الزمني هو ما ستراه بأعينك على الرسم البياني. يردد متداولي الفوركس دائماً أن أسعار العملات تأخذ الطابع الجزئي، بمعنى أنك لن تستطيع التعرف على الإطار الزمني بنفسك، سواء كان الساعة أو اليومي، ما لم تكن هناك إشارة واضحة من برنامج الرسم البياني. بعبارة أخرى، تتشابه أشكال الشموع على كافة الأطر الزمنية. برغم ذلك، فإن التحركات السعرية ستخضع لتفسيرات متباينة من إطار إلى آخر. على سبيل المثال، إذا حدث انعكاس على إطار اليومي ولحقه مجموعة من الشموع الكبيرة ذات القمم والقيعان المتصاعدة فإن ذلك يعد إشارة على حدوث تحول هام في السوق، بينما لا يمكننا استخلاص نفس المعنى إذا تكرر نفس المشهد على إطار الساعة. يعزى ذلك إلى أن التحركات السعرية على الأطر الزمنية الصغيرة يمكن أن تتلاشى بسهولة وسرعة، بعكس الحال على إطار اليومي. ولهذا ينصح البعض بتوسيع الإطار الزمني إذا كنت تشاهد حركة معينة على إطار الساعة مثلاً ولا يمكنك الحكم بدقة على الاتجاهات والنماذج الظاهرة.
الاعتبار الثالث الذي يجب مراعاته عند اختيار الإطار الزمني هو مقدار رأسمالك. إذا كنت قادراً على توفير مبلغ كبير لممارسة التداول — 25,000$-50,000$ — عندها ستكون لديك حرية اختيار الإطار الزمني الذي تريد التداول عليه، حتى إذا كان اليومي. أما إذا كان رأسمالك صغير، مثلاً يتراوح بين 2,000$-5,000$، فهذا سيفرض عليك اختيار أطر زمنية صغيرة، مثل إطار الأربع ساعات أو الـ 60 دقيقة. وتذكر مرة أخرى، سيكون رأسمالك في مأمن طالما كنت خارج السوق.
اختيار الأدوات الفنية
ستكتشف بنفسك أن تطبيق وفهم بعض الأدوات الفنية قد يكون أسهل من البعض الآخر. يفضل بعض المتداولين استخدام النماذج السعرية لاعتقادهم بسهولة التعرف عليها وفعالية إشاراتها، فيما لا يوافق البعض الآخر على هذا الرأي. لا يمكن القول أن هناك اختيار واحد صحيح لكل مكون من مكونات خطة التداول، سواء كان هذا المكون مؤشر فني أو مجموعة من المؤشرات أو زوج عملات أو إطار زمني بعينه. تحقق مختلف أشكال وتنويعات هذه العناصر نتائج جيدة طالما كنت قادراً على استخدامها بالشكل الصحيح. ولهذا يردد البعض المثل القديم والذي يفترض بأنك إذا وضعت عشرة متداولين في غرفة وأعطيتهم جميعاً نفس الإطار الزمني والمؤشر الفني، فسوف تحصل في نهاية المطاف على عشرة نتائج مختلفة. لا يعني ذلك أن المتداول الذي حقق أعلى ربح هو الذي كان "على صواب" وكان التسعة الآخرون على خطأ. فربما أتيحت للمتداول الذي حقق أعلى ربح قدر أكبر من رأس المال أو كان لديه استعداد أفضل لتحمل المخاطرة (أو كلاهما). أيضاً فإن المتداول الذي حقق أدنى ربح ربما يصنف باعتباره الأفضل إذا كان أسلوب تداوله قادر على إبقاءه في السوق لفترة زمنية أطول من خلال تحقيق نتائج أكثر استقراراً.
أفضل طريقة لاختيار المؤشرات الفنية هي اختبار أدائها على العملات والإطار الزمني الذي تنوي تداوله (الباك تيست). على سبيل المثال، إذا قررت استخدام مؤشر الماكد عندها سيتعين عليك اختبار "المكاسب والخسائر التي كنت ستحققها باستخدام الماكد وحده عند تداول زوج العملات على مدار X فترة زمنية". في الأيام الأولى من تطبيق تقنيات التحليل الفني، قضى المتداولون ساعات طويلة في إجراء اختبارات الباك تيست، والتي أصبحنا الآن على دراية بأنها تواجه مشكلتين رئيسيتين:
- تغير ظروف السوق، لاسيما التذبذب والاتجاهية، بمرور الوقت (وبالتالي ستحتاج لإجراء اختبارات الباك تيست على مدى زمني طويل لتغطية كافة الظروف المحتملة).
- ميل المتداول إلى تطويع معلمات المؤشر لتناسب بيانات الفترة الزمنية محل الاختبار.
لم تعد اختبارات الباك تيست تحظى بنفس الأهمية التي كانت عليها في الماضي بسبب هذه المشكلات، فضلاً عن عدم قدرة بعض المتداولين على توفير البيانات والبرامج اللازمة لإجراؤها. كما قد لا يتحلى البعض بالصبر الكافي لاستثمار مئات الساعات في إجراء اختبارات تؤدي في كثير من الأحيان إلى استنتاجات معيبة. بعبارة أخرى، لا تعطي اختبارات الباك تيست عائد يبرر الجهد والوقت الذي سيخصصه المتداول لإجرائها. برغم ذلك، تظل هذه النوعية من اختبارات الأداء السابق هي الطريقة الوحيدة لتحديد ما إذا كانت استراتيجية التداول التي تنوي استخدامها سوف تحقق نتائج جيدة عند تطبيقها على زوج العملات والإطار الزمني المختار. وفي كل الأحوال، ينبغي عليك تطبيق المؤشر الفني على الرسم البياني وإحصاء عدد الفترات التي أعطى فيها قرارات تداول صحيحة مقابل عدد الإشارات الخاطئة التي أدت إلى تحقيق خسارة. من الضروري أيضاً إدراك أنه لا يوجد مؤشر يعطي إشارات صحيحة طوال الوقت حيث تفشل حتى أفضل المؤشرات في بعض الفترات. هذه هي إحدى حقائق التداول التي يجب عليك تقبلها، وإن كانت بالضرورة لا تعني أنك مضطر للتمسك بمؤشر يعطي إشارات خاطئة بأكثر من إشاراته الصحيحة.
اختيار معدل العائد
يعتبر معدل العائد دالة في نسبة المخاطرة إلى العائد، وهو عموماً موضوع معقد قمنا باستعراضه بشكل أكثر تفصيلاً في دروس أخرى. دعنا نعود مرة أخرى إلى الفقرة الافتتاحية لنعرف ما إذا كنت قادراً بالفعل على تحقيق هدفك بتحويل 10,000$ إلى 250,000$ في عام واحد من خلال تجارة الفوركس. تحقيق هذا الهدف سيتطلب الإلمام بمعلومات كافية عن الصفقات التي تحتاج للقيام بها لتحقيق هذا القدر الكبير من الأرباح. على سبيل المثال، إذا كنت تحقق ربح صافي قدره 10$ في كل صفقة (بعد خصم الخسائر)، عندها ستحتاج إلى تنفيذ 25,000 سنوياً، أي 104 صفقة كل يوم، بافتراض أن هناك 240 يوم تداول في العام الواحد. بالطبع يعتبر هذا الافتراض سخيفاً وبعيد تماماً عن أرض الواقع. ولكن ماذا لو كنت قادراً على تحقيق 100$ في كل صفقة؟ هذا يعني أنك بحاجة إلى 2,500 صفقة أو 10.4 صفقة يومياً، وهو رقم كبير أيضاً. أما إذا تحليت بالواقعية واكتشفت أنه يمكنك القيام بصفقة واحدة يومياً في المتوسط، فإن تحقيق ربح سنوي بقيمة 250,000$ سيتطلب أن تحقق هذه الصفقة الواحدة ربح قدره 1,041.62$ يومياً.
حسنأ، ما هي العملات التي تتحرك بأكثر من 100 نقطة كل يوم ، وبطريقة يمكن لأدواتك الفنية توقعها حتى تتمكن من الاستفادة منها؟ حسناً، اعتقد أن هذه السيناريوهات قد تكون كافية لإقناعك باستحالة تحقيق 250,000$ كربح سنوي باستخدام رأس مال مبدئي لا يتجاوز 10,000$. لا تنسى أيضاً أنك ستواجه فترات طويلة من الخسائر المتوالية، وهو أمر حتمي يواجه الجميع في تداول الفوركس. يتطلب حساب معدل العائد الاستناد إلى توقعات واقعية فضلاً عن الإلمام بمعدل الربح/الخسارة التي يمكنك تحقيقها. إذا كنت تخطو خطواتك الأولى في عالم التداول فأنت بالطبع لا تمتلك مثل هذه البيانات، وبالتالي ستكون بحاجة إلى البدء في اختبار أداء المؤشرات الفنية التي اخترتها لتتعرف على الأرباح والخسائر التي يمكنك تحقيقها.
يدعي بعض المتداولين أنهم يحققون معدل ربح/خسارة بحدود 5:1، بمعنى تحقيق ربح 5$ عن كل خسارة بـ 1$. قد تبدو هذه النسبة صحيحة في بعض الأوقات إلا أنه يصعب تقبل فكرة القدرة على تحقيقها على المدى الطويل. وحتى إذا افترضنا أن هناك من يستطيع تحقيق هذه النسبة المرتفعة وقام بالترويج لاستراتيجيته، فإن شيوع تطبيقها سوف يقلل كثيراً من فاعليتها. على سبيل المثال، يلجأ بعض المتداولين إلى استخدام المتوسط المتحرك اليومي 18 في اقتناص إشارات التداول نظراً لشيوع الاعتماد على المتوسط المتحرك 20 لدى عدد كبير من المتداولين. في الواقع العملي، فإن استراتيجية التداول ستكون ناجحة حتى لو حققت نسبة ربح إلى خسارة بحدود 3:1 أو حتى 2:1. وحتى إذا حققت نسبة لا تتجاوز 1.5:1 فإن هذا سيحقق لك عائد معقول على استثماراتك، بل سيتجاوز العائد الذي يمكنك تحقيقه من الاستثمار في سوق السندات الحكومية "عديمة المخاطرة".
الحاجة إلى تحقيق معدل ربح إلى خسارة يتسم بالواقعية والاستمرارية هو السبب الرئيسي الذي يدفعنا للقول بأن خطة التداول هي عمل لا يتوقف. على سبيل المثال، قد تجد نفسك منجذباً لتداول زوج اليورو دولار إلا أن الوقت المتاح للتداول خلال اليوم، أو المؤشرات التي أتقنت استخدامها، ستحقق نتائج أفضل، أو بعبارة أخرى نسبة أعلى للربح مقابل الخسارة، عند تداول زوج آخر مثل AUD/JPY. ولا تنسى المقولة الخالدة والتي ترى بأن البقاء في السوق لفترة طويلة هو أكثر أهمية من تحقيق أرباح سريعة قد لا تتمكن من الحفاظ عليها.
اختيار الوسيط أو المنصة
قد يعتقد البعض للوهلة الأولى أن اختيار شركة الوساطة أو منصة التداول يأتي في المرتبة الأولى، إلا أن هذا سيفتح المجال أمام تدخل الوسيط في اختياراتك. الواقع أن اختيار الوسيط يأتي في مرتبة متأخرة، بعد أن تكون قد تعرفت على العملات والمؤشرات التي تحقق لك أعلى ربحية ممكنة. على سبيل المثال، إذا اكتشفت أن استخدام قنوات الانحدار الخطي يحقق نتائج جيدة وكان الوسيط الذي تريد الانضمام إليه لا يقدم هذه الأداة، عندها لا تتردد في البحث عن وسيط آخر.
يمكنك اختيار شركة الوساطة المناسبة لأسلوب تداولك عن طريق الاستعانة بعدد كبير من معلمات الاختيار عبر قسم وسطاء الفوركس.